الدعاية الإعلامية الصهيونية لأرض الميعاد:
بقلم: بوخاري حفيظة.*
من مصر إلى نهر الفرات، هذي هي الحدود الجغرافية لتلك الأرض المقدسة التي نلنا وعدا إلهيا بالمكوث فيها أخيرا كشعب الله المختار بدلا من تشرد أبنائنا في البقاع، وبعد بعض من الدراسات نعلم أنها تعني فلسطين، فما نحن بغافلين عن حقيقتنا، ولسنا بصدد إذاية الإنسانية إلا في حدود ما يسمح به المبدأ الميكيافيلي: الغاية تبرر الوسيلة، والكتاب السماوي دليل على صحة ما تعتبرونه ادعاء، فقد ورد في توراتنا هذا النص الرباني القائل: لنسلِك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير.
إن الكائن الصهيوني وعلى خلاف كل الكائنات البشرية الأخرى يخرج من بطن أمه حاملا في رأسه تسابيح هذا المعتقد (المحرف في التوراة) المتجدذر في عمق كينونته، فهو بالفطرة ينسب فلسطين إليه، ويعتبرها موطنه الأصلي، وعدا ذلك فإنه وفي مراحل تنشئته الاجتماعية يتعلم من أولياء أمره كيفية العمل- أيا كانت وسيلته- على تحقيق هذا المعتقد واغتصاب الأرض كحق شرعي، وتتم عملية التلقين في كل شيء حتى في أبسط اعتيادات الحياة اليومية، وإلا فكيف تحرص الأسرة اليهودية على إضافة كرسي وصحن فارغيين في كل طاولة فطور وعشاء للإجابة الفورية على سؤال الابن:
- لمن هذا الكرسي وهذا الصحن؟
- لأخيك الذي قتله الفلسطيني.
وما هذا إلا مثال بسيط جدا عن أوجه الادعاءات الخطيرة التي تروج للعالم بأسره إذ ليست مقتصرة على بيئة دون أخرى، وبالعودة إلى الواقع في جميع ميادينه: السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، فهل بإمكاننا وبأي شكل من الأشكال أن ننكر سيطرتهم التامة، هذه السيطرة تتجلى تمظهراتها محصورة في أكثر المجالات حيوية، ألا وهو الإعلام، فالسيادة امتلاك السلطتين: المال والإعلام، المال لأن الأساس الذي ترتب به أجندة الدول المتقدمة من الدول النامية هو الوضعية الاقتصادية، والإعلام لأنه سبيل صياغة الذهنيات وتحويرها وفقا لمرجعيات المؤسسة الإعلامية أو بالأحرى وفقا لهوية القائم بالاتصال.
وعبر تمحيص النظر واستكشاف الدلالات القابعة في الإعلام الصهيوني سواء نشرا: الكتب-الصحف-المجلات أو بثا: الحصص الإذاعية-البرامج التلفزيونية-مواقع الشبكة العنكبوتية، يتم فهم المسعى الإسرائيلي لاستبعاد كل ما لن يكون في مصلحتها ومصلحة شعبها، ومن تم تسخر مجهودات جبارة بالموارد المالية والبشرية والآلية لصناعة خاصة بها تروج خدماتها الثقافية في إطار معلوماتي يطلق عليه: الصناعة الثقافية التي تشمل: النشر المطبعي، الإنتاج السمعي البصري، وصناعات الإبداع من الهندسة المعمارية والفنون التشكيلية.
وحتى لا نحيد عن السياق العام الذي نرمي إليه، فإن الإعلام اليوم أضحى إعلاما دعائيا، أكثر من أن يكون إعلاما هادفا وبناء، والدعاية قد لا تأخذ شكلا علنيا، وإنما تأتي متخفية في أكثر من وجه: خطاب إشهاري منمق، أو في قرص ضوئي يحوي كتبا فكرية إيديولوجية، أو حتى أحد المنتوجات الاستهلاكية، لتمرر منهجا فكريا كاملا، تماما كعملية استبدال الأدمغة أو غسيلها.
وهذا تحديدا ما يستوجب بداية البحث عن الأسباب والغايات، فما السبب وراء الدعاية الإعلامية الصهيونية وما هي أهم أهدافها ومراميها؟
الدعاية الإعلامية الصهيونية-------- مسألة تاريخية دينية (يمكن النظر إليها من زاويتين):
الزاوية الأولى: شعب الله المختار ووعد الله لسيدنا يعقوب ومن قبله إبراهيم بالوطن (فلسطين).
الزاوية الثانية: الاضطهاد الصهيوني على يد النازيين بتزعم هتلر (الهولوكست).
وبالتالي فالثأر هو ثأر دين وثأر سياسة، لذلك نجدهم يؤكدون أولا من خلال مذهبهم الماسوني على سن شريعة جديدة لبني البشر ومن تم تحقيق التدخل السياسي والاقتصادي لبلدان العالم أي تزعمه(راجع البروتوكولات).
أولا: ثأر الدين: يؤمن اليهود أن الخطر الأكبر على مخططاتهم وأحقادهم هو الدين، بما يمثله من عقائد وأخلاق وآداب وحساب وجزاء في الحياة الآخرة، ومن ثم جعلوا هدفهم الأول نزع الدين بكل آثاره من نفوس البشر، وشحن هذه النفوس بسيل من النظريات والشهوات المادية، حتى تصبح المادة والشهوة هي دين الإنسان وعقيدته.
ثأر السياسة: إن المحفل الماسوني منتشر في كل أن العالم، ليعمل في غفلة كقناع لأغراضنا، ولكن الفائدة التي نحن دائبون على تحقيقها من هذه القوة، في خطة عملنا وفي مركز قيادتنا، ما تزال على الدوام غير معروفة للعالم كثيرا.
اللوبي الصهيوني:
الهيمنة الاجتماعية الهيمنة السياسية: الهيمنة الاقتصادية: الهيمنة الإعلامية:
نمطا العيش الغربي اتخاذ القرار في القضايا امتلاك السوق العالمية: الصحفيون والإعلاميون اللباس والمأكل والمشرب قرارت مجلس الشيوخ السلع الاستهلاكية العالمية الفنانون والممثلون
العادات والتقاليد النواب الأمريكيين المنظمات التجارية العالمية محطات البث العالمية
العلاقات العامة قرارات مجلس الأمن الشركات المتعددة الجنسيات دور الإنتاج السينمائي
إنه حق اليهود في السعادة أخيرا، فلم يعد الاستعمار الآن شكلا من أشكال الحضارة، كما لم يعد الرصاص وسيلة ناجعة لاستنزاف سوائل الأجساد، ومع تطورات التكنولوجيا خلقت وسيلة أخرى وهي: الاستعمار بالكلمة، بالصورة، أي بالإعلام تحقيقا لمعادلة واحدة: استعمار الفكر، فالدعايات أقوى من الطلقات وبالتالي تتحقق النتيجة الحتمية التي سيعلنها لسان حال العالم: دولة إسرائيل، والتي بدأت تلقى مكانها عند العديد من الدول ليست فقط الأجنبية بل والعربية أيضا. إن اعترافنا بوجود هذه الدولة وألوان علمها، وتخصيص مساحة كبيرة كانت أو صغيرة لها في قواميسنا ينذر بالخطر وينبأ عن استطان العقول.
بوخاري حفيظة: أستاذة محاضرة بجامعة الجزائر.
(كلية العلوم الاجتماعية بولاية مستغانم-قسم علوم الإعلام والاتصال).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق