( أحكــام الصــلاة )
أخى المسلم
تحدثنا فى الحلقة الماضية
عن مقدمة فى
أحكام الصلاة
و نستكمل اليوم الحديث عن
أحكام الصلاة فى الإسلام
إن الصلاة عماد الدين و ركنه الركين
من أقامها فقد أقام الدين
و من ضيعها فقد هدم الدين
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( رأس الامر الإسلام و عموده الصلاة
و ذروة سنامه الجهاد )
أخرجه الترمذى
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( بنى الاسلام على خمس
شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله
و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة
و حج البيت و صوم رمضان )
رواه البخارى و مسلم
أخى المسلم
لقد أخبرنا النبى صلى الله عليه و سلم
أن الإسلام هو رأس الأمر الذى يهم كل أنسان فى دنياه و أخرته
فهو أول ما يجب عليه الأعتناء به و الإلمام بأحكامه
و أن العمود الذى يقوم عليه هذا الدين هو الصلاة
و أن أسمى عمل فيه هو الجهاد لأنه به تصان الحرمات
و به يظهر الإسلام و يعلو على سائر الأديان
و قد شبه الرسول عليه الصلاة و السلام الإسلام
ببيت له خمس قواعد
إليها تشد جدرانه
و فوقها يستوى سقفه
إذا سقطت قاعدة منها تداعت سائر القواعد للسقوط
و أنهار بناء البيت و خر السقف على من تحته
و تلك القواعد هى التى ذكرناها فى الحديث السابق
أخى المسلم
إن الصلاة من اعظم هذه الأركان بعد الشهادتين
لأنها عبادة من أفضل العبادات
و قربة من أعظم القربات
فهى صله وثيقة بين العبد و ربه
و هى بمثابة عهد يجدده العبد مع خالقه فى اليوم و الليلة عدة مرات
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة
فان صلحت صلح سائر عمله و أن فسدت فسد سائر عمله )
رواه الطبرانى
و هى أخر وصية وصى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم عند مفارقة الدنيا
جعل يقول و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة
الصلاة الصلاة
و ما ملكت أيمانكم
و هى أخر ما يفقد من الدين
فأن ضاعت ضاع الدين كله
فكلما نادى المنادى حى على الفلاح
أقبل العبد على ربه ملبيا خاضعا خاشعا
فيقف فى محرابه وقفة الذليل
الخائف من عذابه
الطامع فى رحمته
فيناجى ربه بأحب أسمائه و صفاته إليه
و يلهج بالثناء عليه بما هو أهله
و يضع جبهته و أنفه على الأرض تمسكنا و تواضعا لعظمته
مهما عز هذا العبد و مهما عظم شأنه
و من هنا كانت الصلاة عبادة من أفضل العبادات
و قربة من أعظم القربات
و لا يزال العبد يتقرب بهذه العبادات إلى الله عز و جل حتى يحبه
فاذا أحبه
كان نور سمعه و بصره
و كان معه فى سره و جهره
يلهمه رشده و يمنحه رفده
و يكون حسبه فى حله و ترحاله
روى البخارى فى صحيحه
عن أبى هريرة رضى الله عنه
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
عن ربه عز و جل أنه قال
( من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب
و ما تقرب إلىَّ عبدى بشئ أحب إلىَّ مما أفترضته عليه
و لا يزال عبدى يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه
فاذا أحببته
كنت سمعه الذى يسمع به و بصره الذى يبصر به
و يده التى يبطش بها و رجله التى يمشى بها
و لئن سألنى لأعطينه و لأن استعادنى لأعيذنه )
و الفرائض كل ما أوجبه الله على عباده و الصلاة من أعظمها
و النوافل ما زاد على الفرائض و الصلاة فى بابها من أعظمها أيضا
أخى المسلم
يجب أن تعلم أخى المسلم
أن الصلاة فى نظر الإسلام
هى الحد الفاصل بين المسلم و الكافر
و البار و الفاجر
و أنها منه بمنزلة الرأس من الجسد
فمن أداها كما ينبغى فهو مسلم بار
و من تركها فهو كافر فاجر
روى الطبرانى فى الأوسط بسنده
عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
( لا إيمان لمن لا أمانة له
و لا صلاة لمن لا طهور له و لا دين لمن لا صلاة له
إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد )
أخى المسلم
أن المتتبع لآيات القرآن الكريم
يرى أن الله سبحانه و تعالى
يذكر الصلاة و يقرنها بالذكر تارة
قال تعالى
{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ
وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }
العنكبوت45
{ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }
الأعلى 14 ، 15
و تارة يقرنها بالزكاة
قال تعالى
{ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ }
البقرة43
و تارة يقرنها بالصبر
قال تعالى
{ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ }
البقرة45
و تارة يقرنها بالنسك
قال تعالى
{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }
الكوثر2
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }
الأنعام162 ، 163
أخى المسلم
لقد بلغ من عناية الإسلام بالصلاة
أن أمر بالمحافظة عليها فى الحضر و السفر و الأمن و الخوف
قال تعالى
{ حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ *
فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ }
البقرة 238 ، 239
و لأن الصلاة من الأمور الكبرى التى تحتاج إلى هداية خاصة
سأل ابراهيم عليه السلام ربه أن يجعله هو و ذريته مقيما لها فقال
{ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء }
إبراهيم40
أخى المسلم
نكتفى بهذا القدر من منزلة الصلاة فى الإسلام
و نستكمل إن شاء الله تعالى
فى الحلقة القادمة عن
الصلاة نور
حـكـمـة الـيـوم
قيل لأحد الصالحين
أن فلانا يمشى على الماء
قال : أن السمك و الضفدع كذلك
قيل : أن فلانا يطير فى الهواء
فقال : الطيور كذلك
و قيل : أن فلانا يصل إلى الشرق و الغرب فى آن واحد
فقال : أن ابليس كذلك
فقيل له : فما الكمال عندك
قال
أن تكون فى الظاهر مع الخلق
و فى الباطن مع الحق
و إلى اللقاء فى الحلقة القادمة إن كان فى العمر بقية إن شاء الله و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخيكم الفقير إلى عفو ربه و مغفرته
هشام عباس محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق