اتخاذ القرار
د . عائض القرني
{ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }
﴿آل عمران: ١٥٩﴾
إن كثيراً منا يضطرب عندما يريد أن يتخذ قراراً فيصيبه القلق والحيرة والإرباك والشك ,
فيبقى في ألم مستمر وفي صداع دائم . إن على العبد أن يشاور وأن يستخير الله ,
وأن يتأمل قليلاً فإذا غلب على ظنه الرأي الأصوب والمسلك
الأحسن أقدم بلا إحجام , وانتهى وقت المشاورة والاستخارة وعزم وتوكل ,
وصمم وجزم , لينهي حياة التردد والاضطراب .
لقد شاور رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وهو على المنبر يوم أحد ,
فأشاروا عليه بالخروج , فلبس لأمته وأخذ سيفه ,
قالوا : لعلنا أكرهناك يا رسول الله ؟ لو بقيت في المدينة .
فقال صلى الله عليه و على آله وصحبه و سلم :
[ إنه ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل ] الراوي: جابر بن عبدالله رضى الله تعالى عنه
المحدث: ابن حجر العسقلاني
المصدر: تغليق التعليق - الصفحة أو الرقم: 5/332
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج .
إن المسألة لا تحتاج إلى تردد , بل إلى مضاء وتصميم وعزم أكيد ,
فإن الشجاعة والبسالة والقيادة في اتخاذ القرار .
تداول رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الرأي في بدر
{ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ }
﴿آل عمران: ١٥٩﴾
{ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ }
﴿الشورى: ٣٨﴾
فأشاروا عليه , فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقدم ولم يلو على شيء .
إن التردد فساد في الرأي , وبرود في الهمة , وخور في التصميم ,
وشتات للجهد , وإخفاق في السير .
وهذا التردد مرض لا دواء له إلا العزم والجزم
والثبات . أعرف أناساً من سنوات وهم يقدمون ويحجمون في قرارات صغيرة ,
وفي مسائل حقيرة وما أعرف عنهم إلا روح الشك والاضطراب ,
في أنفسهم وفي من حولهم .
إنهم سمحوا للإخفاق أن يصل إلى أرواحهم فوصل وسمحوا للتشتت ليزور أذهانهم فزار .
إنه يجب عليك بعد أن تدرس الواقعة , وتتأمل المسألة وتستشير أهل الرأي ,
وتستخير رب السموات والأرض أن تقدم ولا تحجم ,
وأن تنفذ ما ظهر لك عاجلا غير آجل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق