السبت، 21 مايو 2011

[الفلسطينية] في ذكرى نكبتنا: لتتفرغ الفصائل لإدارة معركة التحرير (3)/مصطفى إنشاصي

في ذكرى نكبتنا: لتتفرغ الفصائل لإدارة معركة التحرير (3)
مصطفى إنشاصي
اختلفت الآراء والمواقف بعد خطاب الرئيس ألأمريكي حسين أوباما الأخير
ووعوده الكاذبة كجميع أسلافه بخصوص الدولة الفلسطينية علماً أن حديثه عن
الدولة مجرد حديث كسابقيه، ولكن تأكيده والتزامه بما التزم به الرئيس
الأمريكي (ولسون) الذي لعب دوراً كبيراً في إصدار وعد بلفور وتعهد في
مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 بحفظ أمن كيان العدو الصهيوني عندما يرى
النور، ذلك حقيقة لم يشذ فيه عن القاعدة لدى جميع الرؤساء الأمريكيين
بخصوص الوعود الكاذبة للفلسطينيين والوفاء لليهود! مشكلة كتابنا للأسف
فقدانهم للرؤية والتأصيل والوعي بالتاريخ عن المؤامرة الكبرى ضد الأمة
والوطن ومركزيتها فلسطين فيها، وغياب الوعي بالعداء التاريخي المتأصل لدى
الغرب الصليبي-التوراتي ضدنا، لذلك تأتي الكتابات والتحليلات مجرد خبط
عشوائي مكررة قد يصيب وغاباً ما يخطئ بديل واقع الأمة المعاصر، لأنهم لا
يستفيدوا من تجارب الصراع وأحداثه ولا يعتمدوا المعلومة والحدث التاريخي
والفهم والإدراك لأبعاد المخطط الغربي ضد الأمة والوطن! وإلا كان أدرك
أولئك الكتاب التاريخيين والمنظرين السياسيين وغيرهم أن حديث أوباما عن
الدولة الفلسطينية والديمقراطية وثورات التغيير في وطننا ما هو إلا
محاولة لبيع الوهم من جديد كجزء من المخطط الغربي ضد الأمة والوطن، الذي
تتولى إدارته الولايات المتحدة التوراتية لاستكمال ما بدأه سلفها
الأوروبي للاستفادة منها لتحقيق أكبر قدر ممكن من أهدافها إن لم تتمكن من
احتوائها بالكلية وهي منذ احتلالها بغداد تُصر على تنفيذ مخطط إعادة
ترسيم حدود خريطة سايكس – بيكو من جديد، لأنها كما أعلنت كونداليزا رايس
أثناء حرب عام 2006 على لبنان: "لم يَعُد تؤدي دورها في حفظ امن
(إسرائيل)"! ذلك هو الثابت في السياسة الأمريكية وليس المتغير؟!.
مركزية فلسطين في المشــروع اليهــودي
في تجاه زمني موازٍ للمشروع الغربي كان يعملون اليهود لتحقيق المشروع
الخرافي التوراتي بالسيادة على العالم من خلال السيطرة على القدس وقدوم
مسيحهم الدجال. ولأن اليهود لا ينظرون إلى العودة على أنها مجرد إقامة
فقط ولكنها إقامة دولة الرب وتحقيق الخلاص الإلهي فإنهم عملوا على تدمير
الحضارة الإسلامية والقضاء على النظام السياسي للأمة مستفيدين من الحرية
التي حصلوا عليها. يقول الدكتور (عبد اللطيف شرارة): "لقد كان تحرير
اليهود في إطار الحضارة الإسلامية سبيلاً إلى تهديم تلك الحضارة. إنهم
أشبه الأشياء ببعض الطفيليات والهوام والدواب التي لا تملك أن تعيش إلا
في مناخ خاص من القذارة وسوء الأحوال الاجتماعية" .
ومعلوم أن اليهود لا دين لهم ولا عهد ولا ذمة ولا قيم سوى القيم المادية
لذلك عندما علموا بتحضير نابليون بونابرت لاحتلال مصر وبلاد الشام لم
يتوانوا عن التحالف معه لاغتصاب فلسطين، وبعد تصاعد التنافس بين فرنسا
وبريطانيا على اغتصاب أراضي الدولة العثمانية لم يفوتوا فرصة لتحريض
الغرب ضد أمتنا، وتوريط بريطانيا بالذات في وطننا خاصة فلسطين ومحيطها
الجغرافي من أجل تحقيق مشروعهم التوراتي في فلسطيننا. فقد أرسل روتشيلد
إلى بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا في أربعينيات القرن التاسع عشر رسالة
لم تخرج نتائج تقرير كامبل بنرمان عن مضمونها، تقول: "هناك قوة جذب بين
العرب وعودة مجدهم المرهون بإمكانات اتصالهم واتحادهم، وأن فلسطين تعد
الجسر الذي يصل بين مصر وبين العرب في آسيا، بوابة الشرق حيث يجب زرع قوة
غريبة لتكون حاجزاً" . ذلك التحريض لم ينفك القادة اليهود عن تكراره طوال
عشرات السنوات بعدها، فهذا تيودور هرتزل في كتابه "دولة اليهود" الصادر
عام 1896م، يقول: "ونقيم هناك-فلسطين-جزءاً من حائط لحماية أوروبا في
أسيا يكون عبارة عن حصن منيع للحضارة في وجه الهمجية، ويتوقف علينا كدولة
محايدة أن نبقى على اتصال مع أوروبا التي ستضمن وجودنا بالمقابل" . نفس
الفكرة بدأ حاييم وايزمان ترديدها على مسامع الحكام في لندن قبل عقد
مؤتمر لندن بسنوات: "فلسطين اليهودية هي ضمانة لإنجلترا خاصة فيما يتعلق
بقناة السويس" . ونفس المعنى اقترحه دافيد بن غوريون على الرئيس الأمريكي
أيزنهاور لـ"إقامة سد منيع ضد التيار القومي العربي، يضم إسرائيل وتركيا
وإيران وإثيوبيا، وذلك في الرسالة التي وجهها إليه عام 1958" .
التحالف اليهودي-الغربي
يجب أن نعلم أن التحالف اليهودي-الغربي لم يتم فيه استغلال الغرب لليهود
في تحقيق هدفه بقدر ما كان استغلال اليهود للغرب لتحقيق الأسطورة
التوراتية عن (الشعب المختار) و(أرض الميعاد) و(خرافة العودة إليها) الذي
زرعه اليهود في قلب وعقل الغرب عبر قرون طويلة حتى أصبح جزءً من مورثهم
الثقافي والتاريخي والحضاري. ولذلك مزج التحالف بين الغايات الدينية
والسياسية معاً، وعزم الغرب على اختلاف طوائفه ومذاهبه الدينية والسياسية
وعلى الرغم من عمق خلافاتها وصراعاتها على ارتكاب أبشع جريمة في التاريخ
الإنساني، وهي جريمة إخراج شعب من وطنه وتشريده خارجه وإعطائه للعصابات
الإجرامية اليهودية، ما دفع باحثاً ومفكراً يهودياً صهيونياً إلى وصف
"وعد بلفور" الذي كان أول ثمرات ذلك التحالف وصفاً بالغ الدقة، فقال:
"لقد كان (وعد بلفور)، بمعنى بالغ العمق، وثيقة (مسيحية) أو لنقل قول
العابر المتعجل. (وثيقة بروتستانتية)" .
وقد استغلت بريطانيا حلفائها من العرب كما تفعل أميركا اليوم لتفي بوعدها
لليهود فبدأت الاتصال بحسين بن علي أمير الحجاز وزعيم الحركة القومية
العربية الوليدة عام 1914 والتغرير به وتحريضه للخروج والتمرد ضد الدولة
العثمانية، مقابل حصوله على دولة عربية مستقلة تضم منطقة الهلال الخصيب
والحجاز وذلك فيما عرف في التاريخ باسم مراسلات الحسين – مكماهون. في
الوقت نفسه كانت تتآمر عليه لإجهاض تلك التطلعات القومية العربية لتأسيس
دولة عربية واحدة من خلال تقطيع أوصال تلك الدولة العربية المنشودة
وتقاسم أراضيها بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بينها وبين فرنسا فيما
عرف باتفاقية سايكس- بيكو عام 1916م. وأخيرا ترد الجميل للعرب الذين
تحالفوا معهما بمنح اليهود وعد بلفور عام 1917 قبل أن تطأ قدم أي جندي
بريطاني أو أي من الحلفاء فلسطين! ذلك الوعد الذي تعهدت فيه بريطانيا
والدول الغربية الأوروبية والولايات المتحدة لليهود بإقامة كيان لهم في
فلسطين.
خوف اليهود والغرب من وحدة الأمة
لتأمين الاغتصاب اليهودي لفلسطين ضد أي تهديد حقيقي بعد إنشائه أصدر
يهودي خبيث اسمه (كادمي كوهين) عام 1939م كتاباً بعنوان "دولة إسرائيل"
يدعو فيه الغرب إلى عدم تمكين شعوب وطننا من النهضة ثانية واستعادة
قوتها، وذلك بالإسراع بإقامة كيان العدو الصهيوني في فلسطين، ودعم الحركة
الصهيونية للقيام بدورها في المؤامرة العالمية على وطننا قبل فوات
الفرصة، وقبل أن تنفك المنطقة من عقال الاحتلالات الغربية وتستعيد وحدتها
ونهضتها من جديد في دولة واحدة! ونظراً لخطورة ما جاء في هذا الكتاب من
أفكار بخصوص المنطقة مازالت نتائجها ماثلة للعيان في واقعنا السياسي
العربي والإسلامي منذ ضياع فلسطين، نقتطف بعض ما جاء فيه عن أهمية فلسطين
وتجزئة المنطقة لمن يريد السيطرة على العالم القديم.
جاء في (الصفحة 39) عن أهمية فلسطين بالنسبة لآسيا وأوروبا والتحذير من
خطر استيقاظ شعوب المنطقة على السياسة العالمية: "إن الساحل الشرقي للبحر
المتوسط يشكل بالنسبة لأوروبا رأس جسر واسع نحو آسيا، وعلى طرفي هذا
الإقليم الممتد من البحر المتوسط إلى جبال هملايا يتحرك شعبان "الشعب
الهندي"، وفيه نسبة كبيرة من المسلمين في ذات الوقت و"الشعب المصري"، وفي
الداخل تستيقظ الشعوب على الحياة السياسية العالمية". وبعد أن يحذر الغرب
خاصة بريطانيا وفرنسا من تحرك تلك الشعوب التي بدأت فيها عملية البعث
والثورة يوجه لهم النصيحة باتخاذ إجراءات من شأنها أن تعرقل تلك النهضة،
لأنه إن لم تفعل أوروبا ذلك فلن تتمكن من بسط الأمن والسلام في تلك
المنطقة المهمة من العالم والغنية بثرواتها، ويذكرهم أن تلك المنطقة كانت
مهد حضارات قديمة رائعة ويسارع بتقديم وصفته الناجعة لعدم تكرار ذلك:
"وإذا أرادت السياسة الأوروبية أن تتحرر من العقبات الكئود التي ترهق
مستعمراتها ينبغي عليها أن تسعى لتفكيك هذه الهوية المصطنعة التي تتحرك
ضدها: هوية بين المفاهيم (العربية) والمفهوم (الإسلامي) وعندما تجرؤ على
حل المسألة العربية فإنها تحطم آلية التشابك الموجود بين المفهومين وتفتت
الوحدة الإسلامية كما أن القوميات الاستعمارية الأوروبية تؤمن بهذا هدوء
لم تعرفه منذ أمد طويل ... إن تفتيت الهوية التي تجمع بين الإسلام
والعروبة هو القادر على جعل الضفة الشرقية للبحر المتوسط ما يجب أن تكون
في الحقيقة. واجهة القارة الآسيوية التي تطل على العالم الغربي ورأس جسر
لأوروبا نحو آسيا الكبرى". ويختم بنصيحة الغرب ليتولى بنفسه تنظيم وطننا،
فيقول (ص 43): "من أجل أن نتجنب هذا الاحتمال المرعب الذي ينطوي على
أخطار جسيمة مجهولة ينبغي على العالم المتمدن أن يتولى بنفسه تنظيم
العالم العربي كي يجعل منه عاملاً سياسياً نافعاً وليس عامل فوضى".
تقسيم المقسم وتجزئة المجزئ
إن مخطط اليهود لتدمير أمتنا وتمزيق أوصال وطننا قديم، ويدل على ذلك ما
جاء في كتاب "قتل مصر، من عبد الناصر إلى السادات": "إن التفكك الكامل
الذي ينبغي أن نجعله مصيراً محتوماً للبنان هو المصير المحتوم للعالم
العربي كله ابتداءً من مصر إلى سوريا ثم العراق وشبه الجزيرة العربية،
كلها يجب أن تنحل إلى كيانات من أقليات دينية وعرقية، ذلك يجب أن يظل
الهدف الرئيس على المدى الطويل، بينما يظل الهدف على المدى القصير إضعاف
الدول العربية كلها عسكرياً وإشعال الحروب بينها" . ووسيلتهم في ذلك
إثارة النعرات الطائفية والدينية والقومية، واتخاذها سبيلاً لمزيد من
التمزق والضياع، ولعل أوضح مثال لذلك الدراسة التي صدرت عام 1982م*
بعنوان "إستراتيجية (إسرائيل) في الثمانينات" بقلم الكاتب اليهودي (أوديد
إينون) التي نشرت في مجلة "اليهودية والصهيونية" الصادرة عن صحيفة
الصهيونية العالمية في القدس. وتناولت مخططات القيادة الحالية للعدو
الصهيوني لتقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة، والتركيز على ضرورة تمزيق
الأقطار العربية إلى دويلات طائفية وأقليات عرقية .
وهذا بعضاً مما جاء فيها : "إن إنشاء دولة قبطية في مصر العليا*، هو محرك
التطور التاريخي الحتمي على المدى الطويل، وإن كانت تعوقه حاليا اتفاقية
السلام ... إن تقسيم لبنان إلى مقاطعات خمس*، يجسد سلفاً ما سيحدث في
سائر العالم العربي، وتقطيع سوريا والعراق إلى مناطق على أسس دينية
وعرقية يجب أن يكون على المدى الطويل هدفا أولوياً لـ(إسرائيل). حيث تكون
أولى خطوات تنفيذه العملية تدمير القدرات العسكرية لهذه الدول ...
والعراق* الغني بالنفط وضحية صراعاته الداخلية يقع بدوره في نطاق المرمى
(الإسرائيلي) ... إن البنية العرقية لسوريا تعرضها للتفكك مما يؤدي إلى
خلق ثلاث دول: واحدة شيعية على طول الخط الساحلي، وأخريين سنيتين في حلب
ودمشق، بالإضافة إلى كيان درزي يحتمل أن يقيم دولته على أراضي
الجولان ... إن حرباً سورية عراقية ستسهم في تدمير البلدين من الداخل قبل
أن تمتلك هاتان الدولتين قدرات تؤهلها في دخول حرب واسعة معنا ... بدورها
الجزيرة العربية*، مكرسة بكليتها للتفتت، بسبب الضغوط الداخلية. وهذه
الحال تطال المملكة العربية السعودية وسائر دول التعاون الخليجي. لذا فإن
تصاعد الأزمات الداخلية وسقوط الأنظمة، يندرجان في منطق بنيتنا السياسية
الحالية ... إن كل صراع عربي سيعود بالنفع علينا وسيعجل ساعة التفجير".

التاريخ 21/5/2011

--
=================================
**** الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام ****
*** The Palestinian Network for Press and Information ***
للـنـشــــر : ‏groupnasr@googlegroups.com
للمراسلة: nasrpress@Hotmail.com
الأرشيف الصحفي: http://groups.google.com/group/groupnasr
=================================
زملائنا الكرام // الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام توجه تحية وتقدير لكافة أبناء الشعب
الفلسطينى فى الداخل والخارج والشتات وقياداته العظيمة فى ذكرى نكبة فلسطين وتدعو الله
أن يعود أبناء الشعب الفلسطينى لوطنهم بعدما هًجروا منه قسرا من قبل الاحتلال الإسرائيلى
=================================
اخلاء مسؤولية: جميع المشاركات في الشبكة تعبر فقط عن رأي مرسلها
فنحن لا نتبنى اي طرح سياسي و ما يرد علينا ننشره و لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظرنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق