مع الأول من أيار.. إنجازات وسياسات وأفكار بقلم: آصف قزموز 7/5/2011 في التاسع من أيلول من العام 1976، بينما كان الشعب الصيني يشيّع جثمان زعيمه الأول ماوتسي تونغ، مجسّد الثورة الاجتماعية والقومية الصينية، في العام 1949، لاحظ مراسل إذاعة لندن آنذاك عدم وجود المظاهر التقليدية للحداد في العاصمة بكين، فسأل أحد أصحاب المتاجر الصينيين، الذي كان يمارس عمله وباقي أصحاب المحال التجارية كالمعتاد وكأنما شيئاً لم يحدث، سائلاً: كيف تفسر استمرار الحياة الطبيعية في بكين، حيث جميع المحال التجارية والأسواق تفتح أبوابها في لحظة حزينة كهذه وأنتم تودعون زعيمكم وقائد ثورتكم ماوتسي تونغ؟! فأجاب: لقد علّمنا ماوتسي تونغ أن نحوّل حزننا عليه إلى إنتاج، فمن يحب ماوتسي تونغ يجب أن يجسّد هذا الحب من خلال زيادة إنتاجيته في العمل، بدلاً من الحداد بتعطيل العمل وإغلاق أبواب المحال التجارية، وهذا هو الإخلاص والحب الحقيقي للوطن والقائد. في الأول من أيار من كل عام تحتفل الشعوب والحكومات وأبناء الطبقة العاملة بوجه خاص، بهذه المناسبة العالمية، عيد العمال العالمي. ففي هذا العام احتفلت فلسطين، وجسدت بشتى أشكال الابتهاج والتقدير النضالات العمالية، مستذكرين الشهداء والجرحى والأسرى وشهداء الحركة العالمية، تكريماً واحتفاءً بجلال المناسبة. كما حظي هذا العام مع إطلالة الأول من أيار، بجملة من الإنجازات والنضالات التراكمية والتكاملية على أكثر من مستوى وصعيد في المجتمع الفلسطيني. ففي الوقت الذي أطلقت فيه الحكومة الفلسطينية بسلطتها الوطنية صافرة الجاهزية والانتهاء من عملية البناء والمأسسة السياسية والقانونية والمؤسساتية عموماً، بانتظار الإعلان والاعتراف الدولي بدولة الشعب الفلسطيني، الحرة المستقلة على حدود العام 67. كان المجتمع الدولي يعلن على الملأ إقراره الواضح والصريح، بأهلية الشعب الفلسطيني وجدارته، بأن يكون له دولة خاصة به وعلى أرضه. إن شعار زيادة الإنتاج، وتوسيع مساحات التنمية والاستقلال الناجز، نحو الاستدامة والشمولية القادرة على أن تشكل موئلاً للفقراء والباحثين عن العمل، ونواةً صلبةً للدولة الفلسطينية التي ننشدها ونعمل من أجلها، كان ولا يزال يشكل عنوان جدٍ واجتهاد وعمل وتحدٍّ صارمٍ تمتشقه السلطة الوطنية الفلسطينية بحكومتها ورئيسها ووزاراتها المختلفة، كل من موقعه واختصاصه، لنتكامل جميعاً في هذا الإبحار العاصف والإنجاز الراسخ في وجه الغطرسة الاحتلالية الاستيطانية والتعنت الإسرائيلي الذي أوصد أبواب التفاوض السياسي وآفاق الآمال بالحلم، بعسفٍ وإحكام شديدين. من هنا، وفي ضوء كل هذا، عملت وزارة العمل بالتعاون مع الشركاء الاجتماعيين إلى جانب شقيقاتها من الوزارات الأخرى، على صياغة وتطوير الرؤى والبرامج والهياكل التشغيلية، ضمن إستراتيجية قطاع العمل المستجيبة للرؤية الإستراتيجية الشاملة للحكومة، والتي انبثق منها وعلى أساسها إطلاق الإستراتيجية الوطنية للتشغيل في فلسطين. حيث حققت الوزارة خلال العامين المنصرمين، جملةً من الإنجازات، وشرعت في تنفيذ العديد من المشاريع والنشاطات والإجراءات التشغيلية، في سياق تلبية احتياجات رفع كفاءة وتنظيم سوق العمل الفلسطينية. وذلك سعياً إلى تحقيق جملة الأهداف البعيدة المدى للإستراتيجية والقريبة كذلك، عسى نمكن سوق العمل الفلسطينية، من الاضطلاع بمسؤولياته، وإصلاح السوق نفسها برفع كفاءتها وضبط أدائها ببعدين يشملان، رفع كفاءة طالبي العمل وتمكينهم من المنافسة على فرص العمل المتاحة وفقاً للقدرات الاقتصادية، وتعزيز وتمكين أصحاب العمل من توسيع استثماراتهم وتطويرها وتحفيزها، على النحو الذي يمكنهم من استقطاب أعداد أكبر من العاطلين عن العمل، لا سيما فئات الشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة. لأجل كل ذلك، تجلت المعالم الرئيسة للإستراتيجية الوطنية للتشغيل باعتبارها حجر الزاوية المنظم لقطاع العمل ككل في فلسطين، من خلال: إنشاء الوكالة الوطنية للتشغيل، التي ستضبط إيقاع سوق العمل وسياساته التشغيلية، على النحو الذي يحد من الهدر في الطاقات والإمكانيات والثروات، ويرشد في عمليات الصرف ويوجهها بالاتجاه الصحيح الذي يردم الفجوات الحاصلة بين الحاجات الحقيقية للسوق، وعمليات الصرف على المشاريع التشغيلية العشوائية والمشتتة، لا سيما من قبل المؤسسات غير الحكومية المنتشرة في بلادنا انتشار النار في الهشيم على يد شيطانٍ رجيم. وبذات الصدد والإطار، جاءت أهمية بناء نظام معلومات سوق العمل، الذي سيشكل الأداة الجامعة لمعلومات السوق والمنظم لتدفقها وتوصيلها على نحوٍ يحقق تشغيلاً حقيقياً من خلال تقديم المعلومات الدقيقة لكل من طالبي العمل والمشغلين، بالإضافة إلى ما يمكن أن يلعبه هذا النظام المعلوماتي الذي ستطلقه وزارة العمل قريباً، من دور فعال في المساعدة على المواءمة بين مخرجات التدريب والتعليم المهني والتقني وحاجات السوق الحقيقية وتوجيه وإرشاد الشباب الباحثين عن العمل أو المهنة. آخذين بالاعتبار أهمية التزام الوزارات والجهات الرسمية الشريكة، لا سيما وزارة التربية والتعليم العالي والداخلية، لتغذية هذا النظام الواعد بقواعد البيانات اللازمة. إن أسباب النجاح اللازمة لتخليص فلسطين من أعباء البطالة والفقر، باتت تتوقف بشكلٍ كبير، على مدى القدرة على التناغم والتعاون والتكامل، بين الإستراتيجية الوطنية للتشغيل والإستراتيجية الوطنية للتدريب والتعليم المهني والتقني، بكل ما يعنيه الأمر، من سياسات وبرامج ومخرجات، ووكالة وطنية للتدريب والتعليم المهني الرديفة للوكالة الوطنية للتشغيل آنفة الذكر. ويقع موضوع التوجيه والإرشاد المهني في صدر أولويات وزارة العمل، حيث إن هذا الموضوع تشترك به اليوم مؤسسة التعاون الألماني ومؤسسة إنقاذ الطفل، و"اليونسكو"، وآخرون، مع الحكومة (وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل)، بالإضافة إلى بعض المؤسسات الأهلية المعنية بتقديم مثل هذه الخدمات لقطاع الشباب مثل (شارك، جمعية الشبان المسيحية...). وقد قامت الوزارة بالتعاون مع كل هؤلاء بمأسسة هذا النظام وتكريسه، من خلال تدريب مرشدين في وزارة العمل ووزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الشؤون الاجتماعية والمؤسسات الأهلية ذات العلاقة. حيث تم تدريب فريق وطني من هذه الوزارات والمؤسسات ليشكل نواةً للتدريب كمدربين في المستقبل. كما تم تدريب 340 مرشداً مهنياً حتى الآن من وزارتي العمل والتربية والتعليم العالي. ومن أجل تسهيل العمل على المرشدين تم تطوير دليل المرشدين المهني، بالتعاون مع مؤسسة التعاون بالإضافة إلى دليل إرشادي للطلاب والشباب الباحثين عن مهنة المستقبل، ودليل المرشد الشامل، الذي سيستخدم في إرشاد وتوجيه طلبة المدارس والجامعات والخريجين والباحثين عن عمل أو مهنة. ناهيك عن الشروع بطباعة مجموعة منشورات لمساعدة طلبة المدارس على اختيار التخصص المناسب الذي يلبي رغباتهم وميولهم ويوائم احتياجات السوق. وكل هذا لم يكن ممكناً لولا جدية التعاون والتنسيق بين الأطراف الوطنية المحلية المختصة، ودعم المانحين والداعمين، كمؤسسة التعاون الألماني (giz) ومؤسسة التعاون (welfare) ومنظمة العمل الدولية (ilo) وغيرهم. وفي السياق نفسه، جرى تطوير وتأهيل مكاتب التشغيل متعدد الخدمات (oss)، حيث تم تطوير دليل إجراءات لموظفي مكاتب التشغيل لمساعدتهم على مأسسة العمل وتطوير الخدمات. وقد كان ما يميز هذه المكاتب في أربع محافظات رئيسة، هو عدم انتظار المراجعين ليحضروا للمكاتب بل توجه الموظف المختص لهم مباشرةً من خلال المراكز الشبابية والجامعات والنوادي... ولأجل تحسين خدمات التشغيل يجري حالياً تدريب موظفي التشغيل في فلسطين على تقديم خدمات جديدة في مجال التوجيه والإرشاد المهني، وتقنيات البحث عن عمل، ومساعدة الشباب على استحداث المشاريع الصغيرة التي تؤمن لهم فرصة العمل والتشغيل الذاتي. لقد تضافرت الجهود الوطنية حكومة وعمالاً وأصحاب عمل في مجال استحداث وتكريس ثقافة التدريب المجتمعي للتشغيل الذاتي. فمنذ بداية العام الحالي قامت وزارة العمل بالتعاون مع الشركاء المحليين، بتنفيذ هذا البرنامج الذي يزود المشاركين من الباحثين عن العمل، بالمهارات والمعارف الفنية التي تؤهلهم لإنشاء مشاريعهم الخاصة بهم، كتشغيل ذاتي. ولأجل هذا البرنامج الواعد، تم تطوير 19 وحدة تدريبية، كما تم تشكيل لجان من أعضاء مجالس التشغيل المحلي في المحافظات، ووضعت المعايير لاختيار المشاركين من العاطلين عن العمل أو الخريجين الجدد، بحيث يوفر الشركاءَ المحليين المدربين اللازمين لهذه المهمة. مع الأخذ بالاعتبار، أنه قد سبق ذلك عمل دراسة مسحية في المحافظات الأربع واختيار قطاع اقتصادي لديه الإمكانية الأكبر لتوليد فرص عمل في كل محافظة (مثلاًً: رام الله في قطاع الإنشاءات، بيت لحم في القطاع السياحي، الخليل إنتاج حيواني ونباتي؛ نابلس صياغة المعدات الثقيلة والآلات). حيث شارك في هذا التدريب 80 شخصاً بمؤهلات مختلفة بواقع 20 شخصاً من كل محافظة كمرحلة تجريبية. وفي الوقت الذي كانت الوزارة بالتعاون مع الشركاء الآنفي الذكر، قد شرعت في عقد أيام التوظيف في العام 2010، حيث شارك في المناطق الثلاث نابلس ورام الله والخليل أكثر من ألف طالب خريج، بمشاركة 170 شركة ومؤسسة حيث تم متابعة المشاركين وتبين أن عدد الذين حصلوا على فرص عمل منهم 70 شخصاً وكذلك 80 شخصاً آخرين حصلوا على فرصة تدريب من أجل العمل. وهذا بحد ذاته مؤشر على الجدوى وآفاق النجاح الممكن، وتجربة واعدة يمكن الاعتماد عليها في المستقبل. الأمر الذي سيدفعنا لتكرار هذه التجربة في العام الحالي 2011، بحيث نركز على خريجي التعليم المهني والتقني من الكليات ومدارس الصناعية والمهنية، كما سنركز، أيضاً، على دعوة المؤسسات ذات العلاقة بالمجالات الطبية والقطاعات ذات الأفق والقدرة الاستيعابية، لتقديم الخدمة لهؤلاء الخريجين. وبالتالي فإننا نطمح من خلال تجربة العام الحالي إلى إشراك 200 مؤسسة مع إدخال قطاعات اقتصادية جديدة. وقد تمت متابعة الخريجين من خلال مكاتب التشغيل ولا نكتفي بعقد اللقاء فقط. ناهيك عن أن هناك مخططاً لتطوير المراكز المهنية الأخرى تباعاً وإدخال مهن جديدة تتناسب واحتياجات السوق على نحو واقعي حقيقي. كل ما تقدم من إجراءات ومشاريع لا يمكن أن تنجح وتؤتي أكلها، دون النواة الصلبة القائمة على ما حققناه من نجاحات جدية وحقيقية على مستوى الحوار الاجتماعي بالمعنيين الضيق بين أطراف الإنتاج والواسع بين مكونات وأطراف المجتمع لأشمل. وبزوال الأسباب والمسببات تزول الظواهر والمشكلات. وسيكون للتشغيل وتوسيع آفاقه ومساحاته، شأن مركزي وإستراتيجي في بلورة القاعدة الاقتصادية المتينة اللازمة لقيام الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة اقتصادياً وسياسياً، بالمعنيين الناجز والشامل. فلا تشغيل من دون اقتصاد متحرر ونام، ومن دون حوار اجتماعي ناجح وحقيقي، يتوج بقيام المجلس الاقتصادي الاجتماعي الفلسطيني، القادر على التخطيط ورسم السياسات الناجعة والموائمة المتوازنة والفاعلة والمثمرة، وهذا ما تسعى إليه الوزارة، باعتبار أن ذلك يعد من المعززات الداعمة والمبررة للاعتراف الدولي بإعلان استقلالنا وقيام دولتنا وتحقيق الرفاه الاجتماعي الأفضل لشعبنا وعمالنا جميعاً. ولنحول مناسبات أفراحنا وأحزاننا وحبنا ووفائنا للشعب والوطن، إلى حافز للجد والعمل وزيادة الإنتاج. asefsaeed@yaho.com |
=================================
**** الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام ****
*** The Palestinian Network for Press and Information ***
للـنـشــــر : groupnasr@googlegroups.com
للمراسلة: nasrpress@Hotmail.com
الأرشيف الصحفي: http://groups.google.com/group/groupnasr
=================================
زملائنا الكرام // الشبكة الفلسطينية للصحافة والإعلام توجه تحية وتقدير لكافة أبناء الشعب
الفلسطينى وقياداته العظيمة لما بذلوه من انجاح للمصالحة الوطنية - ويدا بيد وطنا واحد
=================================
اخلاء مسؤولية: جميع المشاركات في الشبكة تعبر فقط عن رأي مرسلها
فنحن لا نتبنى اي طرح سياسي و ما يرد علينا ننشره و لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظرنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق