مصطفى إنشاصي
في ذكرى نكبتنا العام الماضي كتبت ثلاثة مقالات الأولى بعنوان "نكبتنا
أكبر في ذكرى نكبتنا"، قدمت فيها لمحة تاريخية سريعة لدور القيادات
الفلسطينية خاصة التي لا ترفع شعار المقاومة لأجل التحرير بقدر ما ترفعه
لتحقيق مكاسب خاصة، وكانت قبل النكبة عائلية وعشائرية وأصبحت بعد النكبة
شخصية غالباً في إطار فصائلي وتنظيمي! ومقالتين بعنوان: "نكبتنا سبقت
نكبتنا" عرضت فيها لموقف بعض الاتجاهات الأيديولوجية الفكرية في وطننا
التي بعد مرور أكثر من مائة عام على مسائل تاريخية المفترض اتضحت حقيقة
الاختلاف حولها وأصبحت ساطعة كسطوع الشمس كانت سبباً في نكبتنا، إلا أنهم
مازالوا جامدين عليها ومتشبثين بها على الرغم من تجاوز الزمن لها وحاجتنا
لتجاوزها لنوحد مواقف الأمة لصالح الأمة وقضية التحرير! وفي هذه العام في
الذكرى الثالثة والستون للنكبة ومع فرحة شعبنا بالمصالحة وإنهاء نحو أربع
سنوات من القطيعة بين أكبر فصيلين فلسطينيين انعكست آثارها المدمرة على
القضية والشعب وتسببت في نكبتنا نكبة أشد من كل نكباتنا السابقة؛ إلى
درجة اعتبر فيها شيمون بيريز الانقسام من أعظم ثلاثة إنجازات حققها
المشروع الصهيوني منذ تأسيس الحركة الصهيونية عام 1897! وعلى الرغم من
ذلك تمادت القيادات الفلسطينية في تعميق نكبتنا وهي لو قدمت مصلحة الشعب
والقضية قليلاً على طموحاتها الشخصية والحزبية لما عمقت نكبتنا.
في ذكرى نكبتنا هذا العام واستكمالاً لتلك المقالات وغيرها نريد أن نطلب
من الفصائل الفلسطينية أن تتفرغ لإدارة معركة التحرير ووضع خطط
واستراتيجيات التحرير عبر المفاوضات أو الكفاح المسلح أو أي وسيلة
يختارونها في إطار منظمة التحرير التي إن شاء الله تنجح مساعي إصلاحها
وضمها لكل القوى والفصائل الفلسطينية وإعادة تفعيلها، وأن تترك إدارة
شئون الجماهير في الأرض المحتلة لحكومة من المستقلين الحقيقيين البعيدين
عن تأثير الفصائل أو الولاء لها يكون العضو فيه موظف خادم لمصلحة
الجماهير ولقضاء حوائجها، مهمتها إدارة شئون حياتهم اليومية وتسيير
مصالحهم مع العدو المغتصب للوطن والمحاصر لهم من كل مكان بعيد عن تجاذبات
وصراعات الفصائل، لا صراع فيها لا على برامج سياسية ولا مصالح شخصية ولا
طموحات قيادية، ولا تخضع للضغوط الخارجية بزعم أن البرامج السياسية
تتعارض مع مطالب هذه الجهة الممولة أو تلك ...إلخ مما كان سبباً في تعميق
نكبتنا في ذكرى نكبتنا عام 2007، وطبعاً تلك الحكومة ستعمل تحت إشراف
منظمة التحرير وفي ضوء خططها الإستراتيجية.
نعم! بعد أكثر من مائة عام من النضال الفلسطيني ضد المشروع الصهيو-غربي
وما تحتويه من تجارب أكثر من أن تُحصى، وفي ظل الأوضاع التي آلت إليها
القضية ووضع الأرض المحتلة التي يحاصرها العدو الصهيوني جغرافياً من كل
جانب فضلاً عن حصارها باتفاقيات ثنائية ودولية تحاصرها أشد من الحصار
الجغرافي، مالياً ومعنوياً، وبعد بلغ الصراع بين الفصائل على السلطة
والحكومة ما نعلم علينا التفكير الجاد في كل الوسائل التي تجنب شعبنا
تكرار تجربة الانقسام وسفك دمه واستباحة كل المحرمات الفلسطينية والخطوط
الحمر التي تم اقتحامها في ذكرى نكبتنا عام 2007 وطوال أربع سنوات تلتها،
وخلفت لنا طوابير من العجزة وأطنان من الأحقاد والثأرات التي تثقل القلوب
العقول وتشكل شراكاً مفخخة في طريق إنجاح المصالحة تحتاج إلى جهود جبارة
لتجاوزها، وتسببت في تمزيق وحدتنا الجغرافية وتفكيك روابطنا الأسرية
والعائلية والاجتماعية، وابتلائنا بكل أنواع الأمراض الاجتماعية
والأخلاقية والنفسية والاقتصادية التي لم يتخيل المجنون قبل العاقل أنه
ممكن أن يصاب بها مجتمعنا الفلسطيني المحافظ المقاوم طليعة الأمة
للتحرير، وسحقت الروح المعنوية والنفسية التي بلغت ذروة سموها أثناء
الانتفاضة وأفقدت ثقة الجماهير في تلك الفصائل ...إلخ، إن كانت حكومة من
المستقلين ستجنبنا ذلك وغيره فهي خير من حكومة ووزراء وصراع فصائل على
أطماع شخصية وحزبية لا تخدم القضية، لأنه عندما تتهيأ الظروف الموضوعية
لثورة حقيقية ولمعركة التحرير سيكون مجتمعنا الفلسطيني قادراً على
التفاعل معها والاستجابة لها مما هو عليه الآن، فهو الآن يحتاج سنوات من
تضميد الجراح ومسح الدموع ونسيان الماضي وتجاوز المعاناة والمآسي التي
ابتلاه بها الانقسام وصراع القيادات والفصائل إضافة لست أو سبع سنوات مضت
منذ آذار/مارس 2005 وتفاهمات القاهرة؛ التي أوقفت بعدها الفصائل
الانتفاضة والمقاومة لإعطاء العدو الصهيوني فرصة الخروج المشرف من غزة
حتى لا يقال أنه خرج هارباً تحت إطلاق النار، ولترتيب أوضاع منظمة
التحرير بشكل يسمح لبعض الفصائل الانضمام لها ما تسبب في القضاء على كل
إنجازات الانتفاضة!.
وحتى لا تمر هذه الفكرة مرور العابر دون تأمل وتوقف معها بجدية سأعضدها
بنشر مختصرات لبحثين على حلقات سبق أن أعددتهما ونشرتهما في مجلة مُحكمة،
عرضت فيهما تجربتنا النضالية المعاصرة من خلال تجربة أكبر فصيلين
فلسطينيين قادا مسيرة النضال والتحرير الفلسطيني (فتح وحماس)، التي انتهت
إلى تكرار نفس التجربة النضالية الفلسطينية منذ أكثر من مائة عام وبشكل
أسوأ أدى إلى استباحة كل المحرمات الفلسطينية وتدمير القضية وتمزيق الشعب
ونكبته نكبة أعظم من نكبته الأولى بالانقسام! لأن تلك الفصائل لم تدرك من
خلال تلك التجربة الغنية أنه على مَنْ يتبنى مشروع المقاومة في فلسطين
يجب عليه أن ينأ بنفسه عن الممارسة السياسية، بمعنى أصح ألا ينخرط في
العمل السياسي على حساب المقاومة، كما أنه يجب أن يكون جزء من مشروع
المقاومة في الأمة وطليعتها بحيث لا يأخذ دورها الأمة ولا يكون بديلاً
عنها، ولكن عليه أن يكون ديمومة المشروع يعمل على تحريك وتفجير طاقات
الأمة لأخذ دورها الرئيس في التحرير.
البحث الأول بعنوان: مشاريع التسوية بين الثابت والمتغير
بعد اغتيال الرئيس ياسر عرفات بتاريخ 9/11/2004 بدأت أُدرك أن الأخوة في
حماس الذين كنت أتعاون معهم إعلامياً وقتها على وشك إعادة أخطاء التجربة
النضالية الفلسطينية منذ أكثر من مائة عام خاصة الثورة الفلسطينية
المعاصرة (تجربة فتح)، لذلك سارعت إلى أحد فصول آخر رسالة ماجستير
أعددتها عام 1997 وأعدت صياغته وإضافة بعضاً من أبحاثي التي سبق نشرها
والتي لم تنشر لتكون موضوعاً لأحد أبحاثي التي أنشرها بانتظام في مجلة
"شئون العصر" فقد كان لي غالباً بحث في كل عدد من أعدادها، وهي مجلة
فصلية مُحكمة وموثقة تصدر في صنعاء عن المركز اليمني للدراسات
الإستراتيجية، وعندما اتخذت حركة حماس في حوارات القاهرة/تفاهمات القاهرة
في آذار/مارس 2005 قرار المشاركة في الانتخابات التشريعية ودخول منظمة
التحرير الفلسطينية قررت نشره، وقد نُشر في {العدد (19) من مجلة "شؤون
العصر"، السنة التاسعة، إبريل-يونيو 2005}! وقد أكدت في البحث أني أنشره
في هذه المرحلة خوفاً من أن يكرر البعض نفس التجربة السابقة لمنظمة
التحرير، فقد كتبت:
ثوراتنا تُجهض في العواصم العربية
بداية نقول: إن تاريخ الأنظمة العربية مع الثورات الفلسطينية قد أثبت صحة
مقولة: "إن الثورات الفلسطينية تُجهض دائماً في العواصم العربية". وهذا
ما نخشاه لثورة/انتفاضة الأقصى الحالية. لذلك آثرت أن أقدم هذه الدراسة
التي كانت أحد فصول رسالة ماجستير لي في جامعة إفريقيا العالمية بالسودان
عام 1997، كانت بعنوان: "الآثار السياسية والاقتصادية لمشروع الشرق
الأوسط الجديد على وطننا"، التي للأسف لم تسمح لي الظروف بمناقشتها
لأسباب ليست موضوعنا وإن كانت لا تبتعد كثيراً عن الموضوع، آثرت تقديمها
في هذه المرحلة بالذات كتجربة يمكن أن تستحضرها القيادات الفلسطينية
المعنية وهي تُقدِم على مرحلة جديدة حتى لا تقع فيما وقع فيه سابقيها
وتكرر نفس الأخطاء وتعيد نفس التجربة.
البحث الثاني: الخروج من غزة خطوة لضرب المقاومة وتصفية القضية
كما أنه بعد أن قرر العدو الصهيوني تنفيذ خطته لفك الارتباط مع غزة من
طرف واحد في آب/أغسطس 2005 وشعرت بخطأ قراءة السلطة والفصائل الفلسطينية
لذلك الحدث الخطير وسوء تقديرها للموقف، بدأت إعداد بحث جديد لنشره
متزامناً مع خروج العدو الصهيوني من غزة في (عدد يوليو-سبتمبر، عام
2005)، إلا أنه تأخر نشره لأسباب خاصة بالمجلة إلى {العدد (23) السنة
العاشر، محرم ـ ربيع 1427هـ، إبريل- يونيو 2006م}، وقد أكدت فيه أن خطة
فك الارتباط مع غزة ليست انسحاب ولكنها إعادة انتشار هدفها ضرب المقاومة
وتصفية القضية المركزية للأمة، وإشعال الحرب الأهلية وفصل غزة عن الضفة
واستكمال خطة تهويد القدس وبناء الجدار وفك الارتباط مع الضفة بعدها
بمعزل عن غزة التي ستكون هي الدولة الفلسطينية فقط.
سأنشرهما على حلقات ليعي الجيل الجديد من أبناء الوطن أخطاء التجربة
النضالية الفلسطينية المعاصرة تجنباً لتكرارها في المستقبل، ولأدعم بها
وجاهة رأي في ضرورة أن تبتعد الفصائل الفلسطينية عن التدخل في تشكيل
الحكومة الفلسطينية التي تتولى إدارة شئون المواطنين في الأراضي المحتلة،
وضرورة أن تكون من المستقلين البعيدين عن الانتماءات الفصائلية تجنباً
أيضاً لتكرار تجربة الانقسام ومأساته.
--
لمراسلة مدير المجموعة:
Palestine888@gmail.com
منتصرون بإذن الله
----------------------
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعات Google مجموعة "فلسطين - عام
التحرير".
لإرسال هذا إلى هذه المجموعة، قم بإرسال بريد إلكتروني إلى
palestine1@googlegroups.com
لإلغاء الاشتراك في هذه المجموعة، ابعث برسالة إلكترونية إلى
palestine1+unsubscribe@googlegroups.com
لخيارات أكثر، الرجاء زيارة المجموعة على
http://groups.google.com/group/palestine1?hl=ar
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق