حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ
عَنْ عَلِيٍّ رضى الله تعالى عنه أنه قَالَ :
( الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلَاتِكُمْ الْمَكْتُوبَةِ
وَ لَكِنْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ (
قَالَ وَ فِي الْبَاب عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ .
الشــــــــــــــــــروح
)بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِحَتْمٍ )
أَيْ لَيْسَ بِوَاجِبٍ . وَ قَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ سُنَّةٌ
وَ خَالَفَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ : إِنَّهُ وَاجِبٌ ، وَ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرْضٌ .
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : وَ قَدْ بَالَغَ أَبُو حَاتِمٍ فَادَّعَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ انْفَرَدَ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ
وَ لَمْ يُوَافِقْهُ صَاحِبَاهُ . مَعَ أَنَّ ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
وَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَ الضَّحَّاكِ ، يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ عِنْدَهُمْ
وَ عِنْدَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ : الْوِتْرُ وَاجِبٌ ، وَ لَمْ يَثْبُتْ ، وَ نَقَلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ
عَنْ أَصْبَغَ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَ وَافَقَهُ سَحْنُونٌ وَ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ مَنْ تَرَكَهُ أُدِّبَ
وَ كَانَ جُرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( الْوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ )
قَالَ فِي النِّهَايَةِ : الْحَتْمُ اللَّازِمُ الْوَاجِبُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ ، انْتَهَى
( وَ لَكِنْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ) أَيْ جَعَلَهُ مَسْنُونًا غَيْرَ حَتْمٍ
( إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ : الْوِتْرُ الْفَرْدُ وَ تُكْسَرُ وَاوُهُ وَ تُفْتَحُ ،
فَاللَّهُ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ وَ التَّجْزِئَةَ ، وَاحِدٌ فِي صِفَاتِهِ فَلَا شِبْهَ لَهُ وَ لَا مِثْلَ ،
وَاحِدٌ فِي أَفْعَالِهِ فَلَا شَرِيكَ لَهُ وَ لَا مُعِينَ ( يُحِبُّ الْوِتْرَ ) أَيْ يُثِيبُ عَلَيْهِ وَ يَقْبَلُهُ مِنْ عَامِلِهِ .
قَالَ الْقَاضِي : كُلُّ مَا يُنَاسِبُ الشَّيْءَ أَدْنَى مُنَاسَبَةٍ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ
مِمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ تِلْكَ الْمُنَاسَبَةُ ( فَأَوْتِرُوا ) أَمْرٌ بِصَلَاةِ الْوِتْرِ وَ هُوَ أَنْ يُصَلِّيَ مَثْنَى مَثْنَى ،
ثُمَّ يُصَلِّيَ فِي آخِرِهَا رَكْعَةً مُفْرَدَةً أَوْ يُضِيفَهَا إِلَى مَا قَبْلَهَا مِنَ الرَّكَعَاتِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ .
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : الْفَاءُ تُؤْذِنُ بِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قَالَ :
إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا ، انْتَهَى
( يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ ) أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِهِ ، فَإِنَّ الْأَهْلِيَّةَ عَامَّةٌ لِمَنْ آمَنَ بِهِ سَوَاءٌ
قَرَأَ أَمْ لَمْ يَقْرَأْ ، إِنْ كَانَ الْأَكْمَلُ مِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ وَ حَفِظَ وَ عَلِمَ وَ عَمِلَ شَامِلَةٌ
مِمَّنْ تَوَلَّى قِيَامَ تِلَاوَتِهِ وَ مُرَاعَاةَ حُدُودِهِ وَ أَحْكَامِهِ .
قَوْلُهُ : ( وَ فِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ )
أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بَلَاغًا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ
عَنِ الْوِتْرِ أَوَاجِبٌ هُوَ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَ أَوْتَرَ الْمُسْلِمُونَ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ وَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ
أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ أَوْتَرَ الْمُسْلِمُونَ :
وَ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ ،
فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
لَيْسَتْ لَكَ وَ لَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ . وَ فِي رِوَايَةٍ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ ؟
قَالَ : لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ .
وَ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَ الْحَاكِمُ وَ الْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا
: ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَ لَكُمْ تَطَوُّعٌ : النَّحْرُ وَ الْوِتْرُ وَ رَكْعَتَا الضُّحَى .
هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ ، وَ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا بَيَّنَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ :
وَ فِي الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ :
قَالَ : الْوِتْرُ حَسَنٌ جَمِيلٌ عَمِلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ مَنْ بَعْدَهُ
وَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ .
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ )
وَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ .
اعْلَمْ أَنَّ الْجُمْهُورَ قَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ
وَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
أَوْتَرَ عَلَى بَعِيرِهِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ ، وَ هُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ ؛
لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ لَا تُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ . وَ رَوَى مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ
قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ وَ يُوتِرُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ ،
وَ بِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى الْمُخْدَجِيَّ
سَمِعَ رَجُلًا بِالشَّامِ يُدْعَى أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ ،
قَالَ : فَرُحْتُ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ عُبَادَةُ :
كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يَقُولُ :
خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا
اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ الْحَدِيثَ ،
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَ أَحْمَدُ وَ قَدْ عَقَدَ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّفِي
كِتَابِهِ قِيَامِ اللَّيْلِ بَابًا بِلَفْظِ : بَابُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ وَ لَيْسَ بِفَرْضٍ ،
وَ ذَكَرَ فِيهَا أَحَادِيثَ ، وَ آثَارًا كَثِيرَةً مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهَا فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ .
وَ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا :
اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ،
وَ تُعُقِّبَ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فَكَذَا آخِرُهُ وَ بِأَنَّ الْأَصْلَ
عَدَمُ الْوُجُوبِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي .
قُلْتُ : هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ جَعْلِ آخِرِ صَلَاةٍ بِاللَّيْلِ وِتْرًا
لَا عَلَى وُجُوبِ نَفْسِ الْوِتْرِ وَ الْمَطْلُوبُ هَذَا لَا ذَا :
فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْوِتْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ ،
وَ كَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا ،
رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ،
فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِيتَارِ قَبْلَ الْإِصْبَاحِ لَا عَلَى وُجُوبِ نَفْسِ الْإِيتَارِ .
وَ اسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ
سَلَّمَ يَقُولُ : الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا ، الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : فِي سَنَدِهِ أَبُو الْمُنِيبِ وَ فِيهِ ضَعْفٌ ، وَ عَلَى تَقْدِيرِ قَبُولِهِ
فَيَحْتَاجُ مَنِ احْتَجَّ بِهِ إِلَى أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ لَفْظَ حَقٌّ بِمَعْنَى وَاجِبٌ فِي عُرْفِ الشَّارِعِ ،
وَ أَنَّ لَفْظَ وَاجِبٌ بِمَعْنًى مَا ثَبَتَ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ ، انْتَهَى .
وَ اسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ : إِنَّ اللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ الْوِتْرُ .
الْحَدِيثَ وَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ فَضْلِ الْوِتْرِ ، وَ قَدْ عَرَفْتَ هُنَاكَ الْجَوَابَ عَنْهُ .
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي بَعْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْوِتْرِ
مَا لَفْظُهُ : وَ أَحَادِيثُهُمْ قَدْ تُكُلِّمَ فِيهَا ، ثُمَّ إِنَّ الْمُرَادَ بِهَا تَأْكِيدُهُ وَ فَضِيلَتُهُ
وَ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَ ذَلِكَ حَقٌّ ، وَ زِيَادَةُ الصَّلَاةِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً ،
وَ التَّوَعُّدُ عَلَى تَرْكِهِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَأْكِيدِهِ كَقَوْلِهِ :
مَنْ أَكَلَ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ فَلَا يَقْرَبَنْ مَسْجِدَنَا ، انْتَهَى .
وَ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى الْوُجُوبِ
وَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ مَا لَفْظُهُ : وَ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ
كَقَوْلِهِ : فَلَيْسَ مِنَّا ،
وَ قَوْلُهُ الْوِتْرُ حَقٌّ
وَ قَوْلُهُ : أَوْتِرُوا وَ حَافِظُوا ،
وَ قَوْلُهُ الْوِتْرُ وَاجِبٌ ،
وَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَ هُوَ بَقِيَّةُ أَحَادِيثِ الْبَابِ فَتَكُونُ صَارِفَةً لِمَا يُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ .
وَ أَمَّا حَدِيثُ الْوِتْرِ وَاجِبٌ ، فَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ مُشْكِلًا ؛
لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْوُجُوبِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ مَصْرُوفٌ
إِلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ الْمُشْعِرَةِ بِالْوُجُوبِ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : حَدِيثُ : الْوِتْرُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ،
وَ فِي إِسْنَادِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ فَهُوَ ضَعِيفٌ ، ثُمَّ التَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يُقَالَ
إِنَّهُ مَصْرُوفٌ إِلَى غَيْرِهِ إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ ، ثُمَّ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ :
وَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ
مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
مِنْأَهْلِ نَجْدٍ الْحَدِيثَ ، وَ فِيهِ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ ، قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا ؟
قَالَ : لَا إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ ، وَ رَوَى الشَّيْخَانِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ :
الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ .
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : وَ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ ؛
لِأَنَّ بَعْثَ مُعَاذٍ كَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بِيَسِيرٍ ، انْتَهَى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق