المقاومة تحطم غرور العدو
الخروج من غزة خطوة لضرب المقاومة وتصفية القضية (7)
مصطفى إنشاصي
منذ إعلان المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثانية عشرة عام 1974 عن
"إقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كل جزء من الأرض
الفلسطينية التي يتم تحريرها"، أصبح هم القيادة الفلسطينية منصباً على
إقامة الدولة لا تحرير الوطن، وغالباً ما جاء الحرص على إقامة الدولة على
حساب التمسك بالحقوق الوطنية وعلى رأسها المقاومة التي هي جزء من نفس
المادة التي أقرت إقامة السلطة الفلسطينية على أي شبر محرر! كما أصبح
لمنظري وكبار مستشاري القيادة الفلسطينية قراءة خاصة لقرارات ما يسمى
بالشرعية الدولية بعيداً عن الفهم الصحيح لمضمون تلك القرارات وما بينها
من تعارض لا علاقة لها بالواقع!.
وبغض النظر عن جدوى الذهاب إلى مجلس الأمن وطلب الاعتراف بالدولة
الفلسطينية من عدمه إلا أني أرى أنه ما دمنا قد طرقنا باب مجلس الأمن
ونريد رفع سقف المرجعية للقضية والعودة إلى الأمم المتحدة فإنه علينا ألا
نجمع بين متناقضين، فمجلس الأمن وما يسمى الشرعية الدولية كمرجعية تتناقض
مع المفاوضات الثنائية مع العدو الصهيوني برعاية أمريكية منحازة بالكلية
للظرف الصهيوني. كما أننا ما دمنا عدنا إلى مجلس الأمن فإنه يجب علينا
تصحيح خطأ الأسس التي قبلناها للتسوية النهائية منذ عقدين من الزمن وهما
قراري مجلس الأمن (242 و338) اللذان يتعارضان مع قراري مجلس الأمن
(181و194)، خاصة وأن العدو الصهيوني أكد طوال مفاوضات عشرين سنة ومازال
يؤكد أنه لا يعترف ولن يعترف بتلك القراءة وذلك الفهم الفلسطيني لمحتوى
ومضمون القرارين (242و338) وهو محق! لأن قراءة السياسي الفلسطيني لهما
قراءة خاطئة ولا يريد أن يعترف بخطأ تلك القراءة، وأن ممارسة العدو
الصهيوني في اغتصاب الأرض وتغيير معالم التاريخ والجغرافية وتهويد الهوية
ورفض وقف نزيف الصراع الدامي وإصراره على ضم ما يراه حقاً تاريخياً
ودينياً من تلك الأرض، وهو يرى أن كل الأرض بين البحر والنهر حقاً
تاريخياً ودينياً له، تأتي منسجمة مع فهمه للقرارين بأنهما غير ملزمين له
بالانسحاب من جميع الأراضي التي احتلها عام 1967 وخاصة الفلسطينية!.
لذلك على السياسي الفلسطيني وهو يعيد القضية إلى مجلس الأمن أن يطالب
بحقه في إقامة دولته على أساس القرار (181) على الأقل، ويطالب بحق عودة
اللاجئين الفلسطينيين بناء على القرار (194)، ويُذكر أعضاء المجلس بأن
قبول عضوية العدو الصهيوني في الأمم المتحدة عام 1950 كانت مشروطة بتنفيذ
هذان القراران إضافة إلى قرار ثالث له علاقة بالقدس، ويطالب إما تنفيذ
القرارين أو إسقاط عضويته من الأمم المتحدة! ولأنهم يعلمون يقيناً رفض
العدو الصهيوني إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967،
ويعلمون أنه لن يقبل بأقل من كامل فلسطين ما بين البحر والنهر وطناً
تاريخياً ودينياً لعصاباته فعليهم توطين أنفسهم للخطوة التالية وهي رفض
القرار (181) والمطالبة بتحرير فلسطين كامل فلسطين ووضع الأمة أمام
مسئولياتها في معركة التحرير الكبرى! ذلك ما على الفلسطينيين فعله إن
أرادوا حقاً تصحيح خطأ مسارهم السياسي. ولنعود لاستكمال البحث:
تغيرات دراماتيكية فلسطينيا
أثناء التحضير للعدوان الأمريكي على العراق قام مبعوث الأمين العام للأمم
المتحدة ريد رود لارسون بالتعاون مع بعض القيادات الفلسطينية بالضغط على
الراحل ياسر عرفات لإجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية، في محاولة
لتهيئة أوضاع السلطة للقيام بدورها الذي سيفرض عليها بعد نجاح الحملة
الصليبية الثانية. حيث بدأ لارسون في منتصف 2002 بمطالبة عرفات بالقيام
بإصلاحات في هيكلية السلطة وأدائها بما يكفل الشفافية في الأداء المالي،
فرد عليه عرفات باستغراب بأنه زعيم عربي فكيف تتوقع مني عمل ذلك. وفي
يوليو 2002 شعر مندوبو الرباعية أن عرفات مستعد للإصلاحات وطالبوا
(إسرائيل) لتسهيل الضغط العسكري والأمني على الفلسطينيين وأن لا يزيدوا
طلباتهم من عرفات من أجل حفظ كرامته ومن أجل فتح الباب لحوار سياسي. وقد
كان الاجتماع الحازم في ديسمبر2002 حيث اجتمع لارسون مع عرفات، أبو علاء،
أبو مازن، محمد حلان. وقد خاطب لارسون عرفات بقوة لم يسبق استعمالها وهدد
بأن اليوم الذي سوف يجد الجنود (الإسرائيليين) على باب مكتبه لخطفه أو
قتله ليس بعيداً، وأن هذا ممكن إبعاده إذ تحرك وأوقف (الإرهاب) بسرعة.
وفي نهاية فبراير، وجد لارسون أن جهوده أثمرت حيث إن الفلسطينيين أعلنوا
عن اجتماع المجلس المركزي والمجلس التشريعي لاستحداث منصب رئيس الوزراء.
الإدارة الأمريكية أبدت تأييدها و(إسرائيل) وافقت على السماح للأعضاء
للوصول إلى رام الله (هآرتس14/3/2003). وقد تم بالفعل الإعلان عن استحداث
منصب رئيس للوزراء، وعن نية توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية في ثلاثة
أجهزة، وعن إصلاحات مالية، بهدف سحب بعض الصلاحيات من يد الرئيس الراحل
الذي كان متهما بدعم المقاومة، وتعطيل الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها
في منع الهجمات على العدو الصهيوني.
ومن التحولات الدراماتيكية التي حدثت في الموقف الفلسطيني أيضاً قمتي
شرم الشيخ والعقبة اللتان عقدتا يومي 3-4 حزيران/يونيو 2003 بعد الاحتلال
الأمريكي للعراق، وحاولت أمريكا استثمار انتصارها في إذلال الأمة قبل أن
تشتد المقاومة العراقية للاحتلال ومن أجل البدء بتنفيذ خارطة الطريق
وإعادة رسم خارطة وطننا. وقد كشفت القمتين وخاصة قمة العقبة زيف الوعود
الأمريكية ورؤية بوش للدولتين، وأكدت أن الولايات المتحدة طرحت خطة خارطة
الطريق لتهيئة الأجواء العربية لعدوانها على العراق. وفي الوقت الذي عكست
قمة العقبة مدى الاستعلاء والاستكبار الأمريكي الصهيوني المنتشي بلذة
النصر عكست مدى هوان الموقف العربي والفلسطيني الجاهد للاستجابة لكل
مطالب الخارج. فقد طالب بوش في كلمة:
* "بوقف كل مساعدة وتدفق المال والسلاح إلى المنظمات (الإرهابية) ومساعدة
رئيس الوزراء عباس في تحرير الأراضي الفلسطينية من (الإرهاب)".
أما شارون فلم يذكر كلمة التزام واحدة في خطابه ببند واحد مما جاء في
خارطة الطريق، ولكنه أكد على أن:
* "(السلام) لا يمكن أن يتحقق بدون التخلي عن العنف والتحريض وإزالته".
أما كلمة عباس فقد تجاهلت ذكر الحقوق الوطنية الفلسطينية (حق العودة،
القدس، إزالة المستوطنات، السيادة، ومعاناة الجماهير الفلسطينية منذ
النكبة عام 1948، أو منذ بداية انتفاضة الأقصى) ما أثار انتقادات حادة
لخطابه على صعيد الشارع الفلسطيني والسلطة والفصائل الفلسطينية على
السواء، وجاء فيها:
* "وفي ذات الوقت، لا نتجاهل عذابات اليهود على مر التاريخ وقد حان الوقت
لإنهاء كل هذه المعاناة".
* "ولكي أكون صريحاً وواضحاً، لا يوجد حل عسكري لصراعنا، ونكرر إدانتنا
لـ(لإرهاب والعنف) ضد (الإسرائيليين) أينما كانوا".
* "هدفنا واضح وسنطبقه بحزم وبلا هوادة، نهاية كاملة لـ(العنف
والإرهاب) ... كما سنعمل ضد التحريض و"(لعنف) والكراهية مهما كان شكله
وأياً كانت وسائله".
تلك التحولات والتغيرات الدراماتيكية التي حدثت بعد الاحتلال الأمريكي
للعراق على الصعيد الفلسطيني والعربي كانت تصب في مصلحة العدو الصهيوني
الذي كان يسعى لكسب مزيداً من الوقت ويدرس أفضل السيناريوهات للتخلص من
عبئ المقاومة، ويهيئ الرأي العام الصهيوني الرافض لإخلاء أي مغتصبة لتقبل
فكرة الهروب من غزة.
المقاومة تحطم غرور شارون
كثيرة هي الاعترافات الصهيونية التي تؤكد أنه لولا المقاومة ما حدث خروج
صهيوني من قطاع غزة، ولكني سأذكر غيض من فيض عن هذه الحقيقة التي هي أساس
الدراسة.
لقد جاء أصدق تعبير عن حقيقة إقدام شارون على الخروج من غزة على لسان
الكاتب ألوف بن الذي قال: "لقد أفلح الفلسطينيون في كيّ الوعي
الإسرائيلي، وأقنعوه بفكرة عدم جدوى المشروع الاستيطاني والاعتراف بقصور
القوة ومحدوديتها وأهمية الشرعية الدولية. ومن الواضح لـ (إسرائيليين)
كُثُر، بمن فيهم رئيس الوزراء؛ أنّ غزة أولاً ليست غزة أخيراً، وأنّ
إخلاء واسعاً للمستوطنات سيحدث في الضفة أيضاً" (هآرتس16/8/2005). وكتب
عوفر شيلح متهكماً على أربع سنوات من حكم شارون ، قائلاً: "أربع سنوات
بعد بدء المواجهة، الجيش (الإسرائيلي) هو اليوم أداة قاتمة، تضرب في
الهواء من حيث جدوى أفعاله، ولكنه يعود من كل ضربة قدر أكبر من
الندم" ( يديعوت أحرونوت 8/10/2004).
أما الكاتب بي. ميخائيل فيكتب مقالاً ثائراً وساخناً في "يديعوت أحرونوت"
بعنوان "(إسرائيل) المتوحشة الشريرة الغبية"، يسخر فيه من الانجازات
الصهيونية على صعيد ضرب المقاومة الفلسطينية ومحاولة اجتثاث جذورها
قائلا: "هناك أيضا افترسنا وضربنا وحطمنا وعلمناهم درساً ودمرنا البنية
التحتية وسحقنا القادة وهاجمنا بالوحدات الخاصة والمتطورة، ورغم كل ذلك
في كل يوم قبر أبنائنا بالزي العسكري ثم واصلنا نبطش ونسحق ونقتل القادة
وأولادهم... لقد سئمنا هذه الدوامة العسكرية فليذهبوا ويهتموا بشئونهم".
وفي ختام مقالته يقول: "سنوات الاحتلال حولتنا غول وحشي، ليس شريراً فقط
وإنما غبياً، إن عرفات ليس المشكلة بل شارون، وليست السلطة الفلسطينية هي
الرافضة للسلام وإنما (إسرائيل) التي ترفض إمطار الغير ما تريده لنفسها".
كما يعترف زئيف شيف المحلل الإستراتيجي في صحيفة "يديعوت أحرونوت": أن
(إسرائيل) لم تنجح في منع الهجمات على الجبهة الداخلية (الإسرائيلية) في
كل أشهر القتال. وذلك ما دفع الصحفي حيمي شليف في صحيفة "معاريف" إلى رسم
صورة سوداوية لحال المجتمع الصهيوني، بالقول: "بعد ثلاث سنوات تكرس اليأس
والإحباط والاكتئاب، والأمن القليل الذي تبقى ينحسر رويداً رويداً. ويضيف
في كل مكان تنظر إليه ترى طرقنا مسدودة في أحسن الأحوال وانسحابا للخلف
في أحوال أقل جودة وخطراً للانغماس في السيناريو الأسوأ من كل المجريات.
(على أبواب العام الرابع للانتفاضة، المركز الفلسطيني للإعلام، نت).
لقد شكلت غزة بالنسبة للمحتل الصهيوني رعباً متصلاً، كما يقول سيما
كدمون، ويلمح إلى فشل شارون: "غزة... التي مجرد رنين اسمها يبعث
القشعريرة في ظهورنا. غزة ... التي أصبحت في وعينا جميعاً اسماً رديفاً
لشرك الموت. غزة ... التي في أزقتها المكتظة يعيش العربي الأكثر تهديداً.
هذه هي غزة: مزيد من السخافة، وانعدام المنفعة، انغلاق الحس وقصر النظر،
الإهمال والتبذير حياة الشبان في رهان خاسر. هذه هي غزة، الخطيئة والعقاب
لكل حكومات (إسرائيل) ... الرجل الذي رمز، أكثر من أي شيء آخر، للاحتلال
بأسوأ ما فيه، الرجل الذي تباهى بأنه نظف أزقة غزة من الإرهاب (عام
1972)، هو الرجل الذي نظف قطاع غزة من التواجد (الإسرائيلي)" (يديعوت
أحرونوت 12/9/2005). وقد سبق للكاتب ناحوم برنييع أن كتب: "لو كان هناك
ما يمكن استخلاصه من عبر العقود الأخيرة للقرن العشرين، فهو أن مصير
احتلال الشعوب المعادية سيؤول إلى الزوال. وإذا لم يتم هزم المحتلين بقوة
(الإرهاب)، فسيتم هزمهم بقوة الجغرافيا" (وكالة قدس برس للأنباء،
10/12/2003). وكتب عكيفا الدار ناصحاً شارون: "من الأفضل لشارون أن يطلع
على التقرير الذي قدمه طاقم بارز من خريجي (الشاباك) وشعبة الاستخبارات
العسكرية (أمان) وكبار قادة الحكم العسكري سابقا ومجموعة المستشرقين إلى
مؤتمر هرتسيليا السنوي، قبل أن يلقي خطابه أمام المؤتمر في عام 2003.
شارون سيجد في هذا التقرير أن الوقت لا يعمل لصالحنا منذ المرحلة الأولى
من خطته المذكورة ـ رفضه الحل بضربة يد واحدة، ولكن بصورة تدريجية
ومضبوطة، وأننا إذا لم نسارع في عقد صفقة مع عرفات فسنشتاق إليه بعد
حين" (هآرتس15/12/2003). وأعلن الصهيوني رؤفين فيدهستور: "الانتفاضة تمثل
واحدة من أهم الأحداث التي أثرت على مصير الدولة" أثار الانتفاضة على
المجتمع الصهيوني"، مجلة فلسطين المسلمة، العدد 10، السنة 22، تشرين
الأول/أكتوبر 2004م-1425ه).
اعترافات القادة السياسيين والعسكريين والأمنيين
إن الانتفاضة باتت باعتراف معظم قادة العدو الصهيوني هي السبب الرئيس
للخطط أحادية الجانب وأولهم شارون، الذي اعترف أن خطة إخلاء غزة جاءت
بفعل الانتفاضة والمآزق المتعددة التي تمر بها تل أبيب، إذ يقول: "هذه
الخطوة ستجعل من دولة (إسرائيل) دولة هادئة أمنياً لفترة تزيد على الـ30
سنة"#. ويضيف: "إذا كان هناك من يتألم لإزالة (مستوطنات) في غزة فأنا
أكثر من يتألم لكن مسئوليتي تجاه أمن (إسرائيل والإسرائيليين) وتجاه
الوضع الاقتصادي تحتم علي القيام بمبادرات للخروج من الأزمة الحالية التي
علقت بها المنطقة فلا يجوز لنا أن ننتظر حتى تفرض علينا حلول. الهدف هو
نقل (المستوطنات) التي تسبب لـ(إسرائيل( مشاكل" (د. هشام عوكل، قراءة في
خطة الانسحاب من غزة، المركز الفلسطيني لإعلام، نت). وكثيراً ما قال في
أحاديث: "أن نتساريم ومورغ وسائر (مستوطنات) قطاع غزة لن تستطيع البقاء
مكانها لوقت طويل" (بن كاسبيت: معاريف 19/12/2003). وفي رده لصحيفة
"يديعوت أحرونوت" على سؤالها له، حول الدوافع للمبادرة إلى فك الارتباط؟
قال: "كان واضح لي من البداية أن العملية لن تمر بسهولة لكن التواجد في
غزة وكل ما يتعلق بذلك والثمن الذي ندفعه كان يجب أن ينتهي" (عرب 48 نت،
12/8/2005). لقد أرغمت المقاومة شارون على فك الارتباط مع غزة ناقضاً
بذلك ما قاله أثناء حملته الانتخابية في شباط/فبراير 2003 معرضاً بعمرام
ميتسناع رئيس حزب العمل الذي كان يطرح أثناء حملته الانتخابية عزمه فك
الارتباط مع الفلسطينيين من طرف واحد في حال فوزه: "كل من يصرخ قبل دخوله
للمفاوضات بتنازلات مسبقة يظهر جهله المطبق في إدارة المفاوضات. الفصل
أحادي الجانب في ظل تواصل النيران يعني أننا تنازلنا دون تحقيق أي
شيء*" (معاريف 19/12/2003). ويعتراف شاؤول موفاز: "لقد وقفنا خلال
السنوات الثلاثة الأخيرة أمام (إرهاب) لا قرين له في العالم" (أخبار
المركز الفلسطيني للإعلام، نت، 3/6/2003).
كما أن كافة قادة الأذرع الأمنية الصهيونية أكدت أن الخروج من غزة هو نوع
من الهروب من وحل الانتفاضة. فقد سبق لرؤساء جهاز الأمن العام الصهيوني
"الشاباك" الأربعة السابقين أن أكدوا: أن المشروع الصهيوني يسير نحو
الكارثة، وأنه سينتهي إذا لم يتخذ قادة كيان العدو الصهيوني قرارات
سياسية لوقف الانتفاضة. وآخرهم آفي ديختر الذي اعتبر سنوات حكم شارون
"الثلاثة الأخيرة فشل أمني" (يديعوت أحرونوت، 19/12/2003). كما يعترف
العميد شموئيل زكاي قائد القوات الإسرائيلية في غزة، الذي بدأ حديثه
هازئاً بموشيه يعلون رئيس هيئة أركان جيش العدو الصهيوني، وواصفا إياه
"بالديك الرومي المغشوش": "يعلون يعلم أكثر من غيره أن هذه المعركة مع
المقاومة خاسرة، بل أكثر من ذلك يدرك أن الحرب برمتها لصالح المقاومة في
نهاية المطاف، لأسباب إستراتيجية وأخرى تكتيكية في ظل التطور التكتيكي
للمقاومة الفلسطينية (المركز الفلسطيني للإعلام، نت). أما إبراهام تيروسن
الذي شغل منصب سكرتير عام حكومة العدو الصهيوني في عهد (مناحيم بيغن):
أنه لو لا ضربات المقاومة الفلسطينية لما توصل شارون إلى قناعة بأهمية
إخلاء "مستوطنات" قطاع غزة. ويعتبر تيروش أن هذا يشكل مبرراً ودعوة
للفلسطينيين لمواصلة نضالهم المشروع من أجل طرد الاحتلال من كافة
أراضيهم#. إن تيروش معه حق، فمن كان يتصور أن شارون أبو المشروع
(الاستيطاني) الذي أطلق عبارته الشهيرة "إن مصير نيتساريم - مغتصبة صغيرة
نائية جنوب مدينة غزة- سيكون مثل مصير تل أبيب"! وذلك للتأكيد منه على
استحالة تفكيك أي مغتصبة ممكن أن يتخلى عن قطاع غزة بكامله، وشمال جنين
في الضفة الغربية؟!! (مجلة فلسطين المسلمة مرجع سابق).
هذا الفشل والعجز الصهيوني الذي سببته ضربات المقاومة قد أوجد حالة من
التخبط والارتباك داخل المجتمع الصهيوني، ولكن المفاجأة الكبرى كانت
تعليق رئيس مجلس المغتصبات الصهيونية في الضفة والقطاع (بنتسى ليبرمان)
لصحيفة "معاريف" متهكماً: "ذات صباح سننهض ونخرب عشرات (المستوطنات) في
(يشع) ونقوم بترحيل عشرات آلاف الأطفال والشيوخ اليهود ونهرب للاختباء
وراء جدار إلكتروني، وطوال مسيرة طريق الهروب سنبتهل لله أن يفهم العدو
أننا هربنا لأننا انتصرنا"!. وقال: "هذه العبادة والابتهال طبعاً غير
مجدية من أصحاب الآنية الظرفية الذين تعبوا في منتصف الطريق ويسعون لجر
شعب مرهق ومتعب من ورائهم، لأن قيادته لم توجه له رسالة قوة وتمسك واضح
الهدف" (دنيا الوطن، نت،7/1/2004).
إن حالة الفشل والعجز الصهيوني عن تحقيق انتصار حاسم رغم التفوق العسكري
الصهيوني الهائل على المقاومة الفلسطينية اضطرت (يوفال شتاينش) رئيس لجنة
الخارجية والأمن التابعة للكنيست الصهيوني الإعلان عن إخفاق الجيش
الصهيوني في الحرب التي يخوضها ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، مشيراً إلى
أن الصهاينة سيواصلون تلقي الضربات (البراق نت 1/10/2004). وقد رأى ما
يسمى بـ(مجلس السلام والأمن) الصهيوني الذي يعتبر مجلساً مستقلاً ويضم
خبراء في الأمن الصهيوني وقادة عسكريين سابقين أنه يمكن وقف الضربات
وضمان الأمن والهدوء لليهود: "من خلال إخلاء (مستوطنات) قطاع غزة بشكل
كامل، وإخلاء المغتصبات المعزولة في الضفة الغربية، وسحب جيش الاحتلال
إلى خارج المدن الفلسطينية، وإقامة عوائق مادية بين الدولة (العبرية)
والفلسطينيين ... كلنا نعرف الحقيقة أنه لا يمكن الحفاظ على أمن (مستوطني
الدولة العبرية)، دون الانفصال التام عن الفلسطينيين، باتفاق أو بغير
اتفاق مع الفلسطينيين" (أخبار المركز الفلسطيني لإعلام، نت،
26/12/2002).
التاريخ: 4/8/2011
--
منتصرون بإذن الله
----------------------
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعات Google مجموعة "فلسطين - عام
التحرير".
لإرسال هذا إلى هذه المجموعة، قم بإرسال بريد إلكتروني إلى
palestine1@googlegroups.com
لإلغاء الاشتراك في هذه المجموعة، ابعث برسالة إلكترونية إلى
palestine1+unsubscribe@googlegroups.com
لخيارات أكثر، الرجاء زيارة المجموعة على
http://groups.google.com/group/palestine1?hl=ar
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق