الخميس، 18 أغسطس 2011

( Palestine ) المجتمع الفلسطيني والإنهيار الإجتماعي

المجتمع الفلسطيني والإنهيار الإجتماعي

 

بقلـم

رمزي صادق شاهين

 

كنا دائماً نعتبر أن مجتمعنا الفلسطيني سيكون مختلف عن المجتمعات الأخرى ، سواءاً المجتمعات العربية المحيطة أو العالمية ، هذه المجتمعات التي تحمل الكثير من العادات والتقاليد التي اعتبرها شعبنا لا تتلاءم مع وضعة ، لكونه شعب يعيش حالة دائمة من الصراع مع إسرائيل ، ولديه اهتمامات خاصة أغلبها يتعلق بكيفية التخلص من الإحتلال ، والوقوف أمام كُل المؤامرات التي كانت تهدف إلى ابتزازه أو إسقاطه أو إشغاله عن قضيته المركزية .

 

ولقد كان شعبنا يستغرب بعض العادات الموجودة في بعض المجتمعات ، ويعتبرها في سياق حالة التطبع مع المجتمعات المُنفتحة والتي تحكمها قوانين أكثر انفتاح ، ولديها من العادات والتقاليد ما يعطيها الحرية ، ولديها من التراخي الإجتماعي ما يؤهلها للتعاطي مع أي قضية بشكل طبيعي ، ويجعلها تتقبل بعض المشاكل والقضايا التي ينظر لها شعبنا على أنها قضايا فوق المألوف .

 

اتصف شعبنا الفلسطيني بصفات تختلف عن الشعوب الأخرى ، حيث الطيبة والعلاقات الإجتماعية المميزة ، والتكاثف الأسرى النابع من المعاناة المشتركة من إحتلال قتل الشباب والشيوخ والنساء ، وفتح أبواب معتقلاته أمام الآلاف من أبناء شعبنا ، وساهم في تشريد جزء كبير منه في المنافي والشتات ، لكن على ما يبدوا فإن العدوى وصلت إليه كباقي المجتمعات ، واستطاع التطور التكنولوجي والإنفتاح أن يؤثر عليه سلباً .

 

إن الناظر لواقع مجتمعنا اليوم ، يُصاب بحالة من الجنون ، قضايا غريبة عن مجتمعنا ، قصص وروايات اقرب الى الخيال ، تفكك اجتماعي وعائلي سجل أعلى مستوياته ، مشاجرات ونزاعات ، حالات قتل بشكل عجيب ، قضايا نصب واحتيال وصلت إلى مستويات قياسية .

 

اليوم وأنت تنظر إلى نوعية الجرائم والقضايا التي تُسجلها مراكز الشرطة في كافة محافظات الوطن ، تستغرب من بعضها ، لكونها تُعطي الإنطباع أن المجتمع الفلسطيني ستكون نهايته عقيمة ، وسيفقد الكثير من تاريخه الذي سجلته نضالات من سبقونا من أجل أن تبقى سيرة هذا الشعب مضيئة بأحرف من نور ، ومن أجل أن يبقى عصياً على الإنهيار الأخلاقي والوطني والإجتماعي .

 

في أول يوم في هذا الشهر الفضيل نقلت فتاة مختلة عقلياً إلى مستشفى رفيديا في نابلس ، وهي يتيمة الأم وقد اتضح أنها حامل ، ومن التحقيقات تبين أن والدها قام بإغتصابها وهي الآن تحمل سفاحاً من والدها الذي ظاهرياً يبدوا عليه الوقار والإيمان .

 

وبعد يوم من هذا التاريخ ، قتل أخ أخيه في غزة ، على اثر خلاف بين زوجات الإخوة على عمل المطبخ ، في جريمة هزت مشاعر المجتمع الغزي لكونها في شهر كريم يجب أن يتحلى فيه المواطن بمزيد من الصبر والإيمان والتكافل الإجتماعي .

 

القضية ليست مرتبطة بمن يحكم في الضفة أو غزة ، أو مرتبط بحكومة فتح أو حماس ، بل هي ثقافات جديدة انتقلت للمواطن بفعل العديد من المتغيرات العامة وانتشار الفضائيات والتكنولوجيا التي أخذ منها شعبنا السلبي وترك منها الإيجابي .

 

القضية سوف تكون عبئ على أي حكومة تحكم الشعب الفلسطيني ، لأنه شعب تشبع الآن بثقافات غريبة تملكت في نفسه وأصبحت تجعل من المال أساس العلاقة الأخوية ، وعلاقة المصالح فوق كُل الإعتبارات ، والتفكك الأسري والإجتماعي هو السائد في الشارع ، والخلافات هي أساس العلاقة بين الناس .

 

نحن أمام مسؤولية تاريخية ، وأمام مسؤولية وطنية كبيرة ، تتطلب منا الإنتباه الجيد ، بعيداً عن المناكفات السياسية ، هذه المسؤولية التي يجب أن يكون بناء المجتمع من أهم أولويات كُل مكونات الشعب الفلسطيني من سلطة وطنية ومؤسسات مجتمع مدني ومساجد ومدارس .

 

سوف يُحاسب التاريخ كُل من تهاون في إصلاح مجتمعنا الفلسطيني ، وفي الإنتباه لمستقبل أطفالنا وبناتنا ، لأن أي مجتمع بدون مواطن صالح سيكون مجتمع مُفرغ وبدون فائدة ، ولن يستطيع أن يواجه هذا الإحتلال الذي يتربص بنا وبمشروعنا الوطني .

 

&&&&&&&&&

صحفي وكاتب فلسطيني

Ramzi.s.shaheen@gmail.com

--
منتصرون بإذن الله
----------------------
 
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعات Google‏ مجموعة "فلسطين - عام
التحرير".
لإرسال هذا إلى هذه المجموعة، قم بإرسال بريد إلكتروني إلى
palestine1@googlegroups.com
لإلغاء الاشتراك في هذه المجموعة، ابعث برسالة إلكترونية إلى
palestine1+unsubscribe@googlegroups.com
لخيارات أكثر، الرجاء زيارة المجموعة على
http://groups.google.com/group/palestine1?hl=ar

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق