الرابع في قائمة عمداء الاسرى الداخل
الاسير حافظ قُندس من يافا يدخل عامه ال27 خلف القضبان
جنين-علي سمودي – تاريخ يوم النكبة يرمز لمعاناة الفلسطينين المستمرة منذ عام 1948 بعدما استكملت العصابات الاسرائيلية حربها ضد وجودهم ودمرت مدنهم وقراها وحولتهم للاجئين ، وليافا عروس البحر ولاهلها كان نصيب من تلك النكبة التي تاتي ذكراها في نفس اليوم التي لا زالت فيه الحاجة ام حافظ صامدة وصابرة في مواجهة النكبة الكبرى التي حلت بها قبل 26 عاما والتي لا زالت ككل شعبها تدفع ثمنها غاليا ، فنكبتنا تقول " لم تنتهي باحتلال واغتصاب ارضنا وحقنا وتشريد شعبنا ، بل اعتقال الابن واغتصاب زهرة شبابه وضياع عمره بين مدافن الموت البطيء هو اكثر واشد قسوة على قلب الام ، فاستمرار اعتقال ابني وحرماني منه وشطب اسمه من صفقات التبادل والافراجات نكبة مستمرة اصلي ليل نهار لتنتهي ويتحقق حلمي بعناق روحي وباكورة ابنائي حرا دون قيود ، لافرح بعدما نسبت طعم الفرح واحقق حلمه والده الذي قضى دونه وهو رؤية حافظ نمر محمد قندس عريسا "،وتضيف " ادفع عمري وحياتي في سبيل ان ارى حافظ بين ذراعي واحضاني ازفه في يافا التي اشتاق اليها وتشتاق اليه لنعيش احرار ككل البشر دون قضبان او رقابه سجان او ظلمات السجون ".
يوم الالم والدموع
تاريخ 15 -5 ، يوم يفتح الجراح ويبعث الدموع ويضاعف الاحزان في حياة الام الفلسطينية التي تجاوزت العقد السابع ولا زالت تقاوم الالم وتبحث عن خيط الامل ، تتمسك به وتتحدى المرض وجراح الزمن كما تقول " وكل اشكال العذاب على بوابات السجون لامسحه من تاريخي للابد ، فهو اليوم الذي حول حيانا لكوابيس لا تفارقني لحظة ووجع حافظ يستمر ، وعينيه تحاولان في كل زيارة ان تمنحني اشراقة وروح الامل وبشرى انتهاء النكبة ، ولن يتحقق ذلك الا عندما تتحطم تلك القيود التي سلبت من عمري وعمر حافظ 26 عاما بلا توقف ".وفي الذكرى ، تستعيد الوالدة محطات وصورة من الذاكرة لم تنسى ولن تمحوها الايام ، فكيف تنسى كما تقول " اللحظة التي تحولت فيها كل حياتي لسجن وسجان وسجون ، واصبحت مع حافظ اسيرة ، فكلانا في نفس السجن وان اختلفت التسمية "، وتضيف " ففي فجر يوم 15-5- 1984 ، اقتحموا منزلنا وبين التفتيش والخوف والقلق انتزعوه في عمر (26 عاما ) من بيننا ، رفضوا ابلاغنا باي شيء وانتظرنا طويلا نبحث عن السبب والاجابة بينما كان يواجه صنوف التعذيب في تحقيق قاسي استهدفه لانه امن برسالة شعبه وقضيته ، رفض النكبة ونتائجها وانتمى لفلسطين ارضا وشعبا وهوية فعاقبوه وعذبوه وعزلوه ثم حوكم بالسجن الفعلي لمدة 28 عاما ، قضى منها 26 عاما بالتمام والكمال ، لم يبقى سجن الا وكتب اسمه على جدرانه ليكون شاهدا على التضحية والصمود والوفاء والحب للوطن والقضية ، فالحكم لم ينال من عزيمته ومعنوياته ، ولا زال مع كل اخوانه الاسرى يسطرون صفحات المجد والبطولة حتى تشرق شمس الحرية ، وهي قادمة باذن الله ولن نفقد الامل ما دام الله معنا ويزرع في قلوب ابناءنا القوة والعزيمة والصبر .
الرابع في قائمة عمداء اسرى الداخل
وفي تقرير اصدره الباحث المختص في قضايا الاسرى عبد الناصر فروانة في ذكرى اعتقال حافظ ، افاد انه يحتل المرتبة الرابعة في قائمة أسرى الداخل من حيث الأقدمية ويحتل الرقم الثاني عشر على قائمة عمداء الاسرى عموماً ، وهو ومن تقدموا عنه على القائمة قد تجاوزوا الربع قرن في الأسر .
و اشاد فروانه بالدور النضالي المتميز الذي جسده حافظ عبر مسيرته الحافلة بالتضحيات جعلته قدوة ونموذجا بتضحيات اسرى الداخل الذين عبروا عن تمسكهم بوحدة الشعب وانتماءهم للحركة الوطنية الاسرائيلية ورفض محاولات اسرائيل التفرقة وبث الفرقة والشتات بينهم "، واضاف " منذ اعتقاله لهب الاسير حافظ مع كل اسرى الداخل دورا متميزا في تحدي سياسات الاحتلال ويعتبره الكثير من الاسرى الحافظ والحارس ومن حفظ مكانة شعبه وقضيته ووطنه في حدقات عيونه و فؤاده وحافظ على مبادئه وأخلاقه وإخلاصه لكل من أحبهم وانتمى إليهم وسكنوا عقله ووجدانه ".
العودة ليافا
وكما يقول فروانة في رحلة اعتقاله المتواصلة وسط صور العذاب ، لم يتراجع حافظ عن دوره وحلمه ، ويوم الاحد الماضي بدأ حافظ عامه الاول بعد 26 عاما ، ليدخل عامه ال ( 53 ) وهو لا زال يحلم بالعودة لمدينة يافا عروس البحر كما رآها حافظ وأمثاله ، أرض البرتقال الحزين كما وصفها غسان كنفاني ورفاقه ، يافا المدينة العتيقة بآثارها التاريخية وحضارتها المشرقة كما يراها شعبه الفلسطيني ويتحدث عنها دوما لرفاقه ووالدته ليمنحهم الصبر والامل" ،وتقول والدته " لم اراه لحظة واحدة حزينا ، يرسم ابتسامة اراه فيها يخترق الجدران ويعانقني ويعدني بالعودة ، وصبيحة كل يوم اجلس في المكان الذي احبه في منزلنا انتظره ويشاركني الحديث لموج البحر فيتجدد الامل ، واملي بالله دوما كبير"
صفحات من الذكراة
في منزل عائلته أحد بيوت يافا العتيقة ، تزين صور قندس الجدران لتتحدث اليه والدته في كل لحظة وهي تتذكر خطواته وحركاته وكلماته وطلعته البهية كما تقول "بين أزقة ياف وشوارعها حيث نشأ وترعرع ورسم الامل واختار خطواته ليحرر موج البحر من اسماك القرش التي لن تقوى على حافظ ورفاقه الذين دفعوا حياتهم ثمنا لحرية لن تبخل عليهم بفجرها القادم " .
ويضيف فروانه " في كنف عائلة عربية أصيلة عرفت حرصت على تربية أبنائها وتوفير عوامل التنشئة السليمة ، التي ساهمت في تنمية الحس والشعور الوطني والقومي لديهم ، فكبر حافظ وكبرت معه القضية شأنه شأن الكثيرين من أمثاله من فلسطينيي الداخل ، ليؤكدوا بأنهم جزء لا يتجزأ من شعبنا فانخرطوا في النضال بكل أشكاله ، فمنهم من دفع حياته ثمناً لذلك ليلتحق بقافلة الشهداء ، ومنهم من أفنى زهرة شبابه وسنوات طويلة من عمره في غياهب السجون فيما لايزال الكثيرين منهم قابعين خلف القضبان بانتظار المجهول ، يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والمعاملة القاسية والإنتهاكات الفاضحة لحقوقهم الأساسية كونهم جزء أساسي من الحركة الوطنية الأسيرة ، بل وفي كثير من الأحيان يعانون أكثر من غيرهم جراء فصلهم وعزلهم في أقسام لوحدهم ناهيكم عن المواقف المؤلمة في التعاطي مع قضيتهم التي طالما ناضل حافظ لتبقى وحدة موحدة .
عذابات الاسر
وبين سياسات العقاب ومحطات التنقل من سجن لاخر وصدمة الاستثناء من الصفقات ، كان الوالدة ام حافظ اكثر من دفع الثمن ولكنها لم تتوقف يوما عن شد الرحال لزيارته ، وتقول " فحياتي ترتبط بيوم الزيارة حتى عندما امرض فانني يوم الزيارة استرد عافيتي ، فانا احصي الدقائق والأيام الفاصلة مابين زيارة وأخرى باليوم والساعة ، للتُكحل عيني برؤيته حتى وان كان ذلك من خلف الأسلاك أو ألواح الزجاج "، واضافت" لقد عرفت كافة السجون رغم كبر سني و ما اعانيه من أمراض وما تسببه لي الزيارة من إرهاق ومتاعب ومضاعفات ولكن هذا من أجل رؤية ولدها يهون .
المعاناة المبرمجة بنظام اسرائيلي متواصل طالت والدي حافظ ومن لم يسمح لهم بزيارته من شقيقيه ( إبراهيم وأحمد ) والأول توفى منذ سنوات والثاني ممنوع من الزيارة منذ سنوات طويلة ، فيما في الغالب يسمح لشقيقتيه ( وفاء وفاتنة ) بزيارته ، وتقول ام حافظ "الزيارات مؤلمة وقاسية بكل ما تعنيه الكلمة من معاني و يصاحبها من عذاب ، وكانت اصعب لحظات الاسر علينا وحافظ عندما توفي والده وشقيقه إبراهيم دون أن يودعهما ويلقي عليهما نظرة الفراق الأخيرة ، ولم يسمح له سوى بالحضور مباشرة من السجن للمقبرة لحظة دفن جثامينهما ومن ثم إعادته للسجن ، كل سنوات السجن لم يبكي حافظ ولكن في تلك اللحظات بكى ولا زلنا نبكي ما دام السجن يحرمنا منه . ورغم قوة شخصيتها وايمانها وما تسطره من صمود وصبر وتحمله من امل ، فان الوالدة الصابرة ام حافظ تعيش حالة من الخوف والقلق ليس بسبب تدهور حالتها الصحية كما تقول "ولكن جراء خوفي من تكرار ما حدث مع زوجي والرحيل عن هذه الدنيا دون أن يراني ويعانقني وافرح به ، كما حدث مع والده وشقيقه "، واضافت " اصلي لله ليل نهار ان يطيل بعمري حتى اراه دون قضبان وأن احتضنه دون حواجز وأن ينام في بيتي بحرية ودون خوف قبل الرحيل الأبدي والفرح بزفافه .
الامل الحي
في سجنه ، يستقبل حافظ العام الجديد بالصمود والتحدي ، ويقول فروانة بعد مرور 26 عاما لا زال حافظ على الأمل يحيا ، ينتظر الفترة القليلة المتبقية من فترة حكمه ، لينعم بالحرية وليعود إلى بيت العائلة الدافئ ولشوارع يافا الجميلة التي اشتاقت له ، ليستنشق هوائها العطر ، فلا زالت صورتها عالقة بذهنه ، اما والدته فدعت لعدم نسيانه في الصفقة القادمة ، وقالت " كل اسرى الداخل جرى استثنائهم وشطبهم من الصفقات والافراجات لذلك نامل الثبات على القائمة التي تضم اسماءهم وعدم التنازل عن اي اسير منهم ، حتى يعود الينا ابطال الحرية الذين يستحقون الحرية واملنا عدم نسيانهم .
واضاف فروانه "إذا كان حُلم حافظ بالحرية سيتحقق قريبا فان الآخرين من رفاق دربه وأصدقاء القيد والمعاناة ، قدامى أسرى الداخل قد لا ينعمون بذلك على المدى القريب ، ولربما قد لا يتمكنوا من العودة لديارهم في المثلث وباقة الغربية ويافا واللد والرملة وكفر قاسم وأم الفحم و لسنوات طويلة قادمة لاسيما في ظل نسيانهم وتهميشهم وعدم إدراجهم ضمن صفقات التبادل أوضمن الإفراجات السياسية مع أنهم جزء لا يتجزأ من شعبنا والحركة الوطنية الأسيرة وللتذكير فان عشرين أسير منهم معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو 1993 ، وهم حسب الأقدمية سامي وكريم وماهر يونس ، حافظ قندس ، وليد دقة ، ابراهيم ورشدي أبو مخ ، ابراهيم بيادسة ، أحمد جابر ، محمد زيادة ومخلص برغال و بشير الخطيب ، محمد ومحمود جبارين ، علي عمرية وسمير سرساوي ، ابراهيم ومحمد ويحيى اغبارية ، محمد توفيق جبارين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق