الأحد، 5 يونيو 2011

۩ بيت عطاء الخير-1۩ بيان عظيم خطر اللسان وفضيلة الصمت

مجموعة بيت عطاء الخير البريدية

Web Page Hit Counter

الأخ / جمعه المخمري

  

 بيان عظيم خطر اللسان وفضيلة الصمت

أعلم أن خطر اللسان عظيم ولا نجاة من خطره إلا بالصمت ،

فلذلك مدح الشرع الصمت وحث عليه فقال صلى الله عليه وسلم :

"من صمت نجا".

وورد (( الصمت حكم وقليل فاعله )) أي حكمة وحزم .

وروى عبدالله بن سفيان عن أبيه قال : (( قل آمنت بالله ثم استقم ))

قال : قلت فما أتقي ؟ فأوما بيده إلى لسانه .

وقال عقبة بن عامر قلت يا رسول الله ما النجاة ؟ قال :

 (( أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وأبك على خطيئتك)) .

وقال سهل بن سعد الساعدي . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 (( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ))

 وقال صلى الله عليه وسلم

(( من وقى شر قبقبه وذبذبه ولقلقه فقد وقى الشر كله ))

 القبقب : هو البطن والذبذب : الفرج ، واللقلق : اللسان .

 فهذه الشهوات الثلاث بها يهلك أكثر الخلق ،

 ولذلك أشتغلنا بذكر آفات اللسان لما فرغنا من ذكر آفة الشهوتين البطن والفرج ،

وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال :

 (( تقوى الله وحسن الخلق ))

وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال :

(( الأجوفان : الفم والفرج ))

فيحتمل أن يكون المراد به باللفم آفات اللسان لأنه محله ،

ويحتمل أن يكون المراد به البطن لأنه منفذه ،

 فقد قال معاذ بن جبل : قلت يارسول الله أنؤاخذ بما نقول ؟

فقال (( ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ؟))

وعن سعيد بن الجبير مرفوعأ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

(( إذا أصبح أبن أدم أصبحت الأعضاء كلها تكفر اللسان أي تقول :

أتق الله فينا فإنما نحن بك فإنك إن أستقمت أستقمنا وإن أعوججت أعوججنا ))

 وروى عمر بن الخطاب رضى الله عنه رآى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يمد لسانه بيده فقال :

 ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟ قال ، هذا أوردني الموارد .

وعن أبن مسعود أنه كان على الصفا يلبي ويقول :

 يالسان قل خيرأ تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم ،

 فقيل له : يا أبا عبد الرحمن أهذا شئ تقوله أو شئ سمعته ؟

 فقال : لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

يقول : (( إن أكثر خطايا أبن آدم في لسانه )).

وقال إبن عمر :

(( من كف لسانه ستر الله عورته ومن ملك غضبه وقاه الله عذابه ومن أعتذر إلى الله قبل الله عذره ))

وروى أن معاذ بن جبل قال : يا رسول الله أوصني قال :

 (( أعبد الله كأنك تراه وعد نفسك في الموتى وأن شئت أنبأتك بما هو أملك لك من هذا كله ))

وأشار بيده إلى لسانه .

وعن صفوان بن سليم قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن . الصمت وحسن الخلق ))

 وقال أبو هريره . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرأ أو ليسكت )).

وقال الحسن : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

 (( رحم الله عبدأ تكلم فغنم أو سكت فسلم )) .

 وقيل لعيسى عليه السلام : دلنا على عمل ندخل به الجنة قال : لا تنطقوا أبدأ ،

قالوا : لا نستطيع ذلك ، فقال فلا تنطقوا إلا بخير.

وقال سليمان بن داود عليهما السلام : إن كان الكلام من فضه فالسكوت من ذهب .

وعن البراء بن عازب قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : دلني على عمل يدخلني الجنة ، قال

(( أطعم الجائع وأسق الظمآن وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر ،

 فإن لم تطق فكف لسانك إلا من خير ))

وقال صلى الله عليه وسلم

(( إن الله عند لسان كل قائل فليتق الله امرؤ علم مايقول ))

 وقال عليه السلام :

(( إذا رأيت الرجل قد أعطى زهدأ في الدنيا وقلة منطق فاقتربوا منه فإنه يلقى الحكمة )) .

وقال أبن مسعود ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 (( المجالس ثلاثة : غانم وسالم وشاجب . فالغانم الذي يذكر الله تعالى ،

 والسالم الساكت ، والشاجب الذي يخوض في الباطل )) .

وقيل : (( إن لسان المؤمن وراء قلبه فإذا أراد أن يتكلم بشئ تدبره بقلبه ثم أمضاء بلسانه ،

 وإن لسان المنافق أمام قلبه ، فإذا هم بشئ أمضاه بلسانه ولم يتدبره بقلبه )).

وقال عيسى عليه السلام : العبادة عشرة أجزاء : تسعة منها في الصمت وجزء في الفرار من الناس .

 وورد : (( من كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ،

 ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به ))

الآثار : كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يضع حصاة في فيه يمنع بها نفسه عن الكلام ،

 وكان يشير إلى لسانه ويقول : هذا الذي أوردني الموارد .

وقال عبدالله بن مسعود : والله الذي لا إله إلا هو ماشي أحوج إلى طول سجن من اللسان .

وقال طاوس : لساني سبع إن أرسلته أكلني .

وقال وهب بن منبه : في حكمة آل داود :

 حق على العاقل أن يكون عارفأ بزمانه حافظأ للسانه مقبلأ على شأنه .

وقال الحسن : ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه .

وقال الأوزاعي : كتب إلينا عمر بن عبد العزيز :

 رحمه الله أما بعد فإن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ،

ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.

وقال بعضهم : الصمت يجمع للرجل فضيلتين ، السلامه في دينه والفهم عن صاحبه .

وقال محمد بن واسع لمالك بن دينار :

 يا أبا يحيى حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدينار والدرهم .

وقال يونس بن عبيد :

 ما من الناس أحد يكون منه لسانه على بال إلا رأيت صلاح ذلك في سائر عمله .

وقال أبو بكر بن عياش :

اجتمع أربعة ملوك ؛ ملك الهند وملك الصين وكسرى وقيصر ،

فقال أحدهم : أنا أندم على ما قلت ولا أندم على ما لم أقل ،

 وقال الآخر : إني إذا تكلمت بكلمة ملكتني ولم أملكها ،

 وإذا لم أتكلم بها ملكتها ولم تملكني ،

 وقال الثالث : عجبت للمتكلم إن رجعت عليه كلمته ضرته وإن لم ترجع لم تنفعه ،

وقال الرابع : أنا على رد مالم أقل أقدر مني على رد ما قلت .

وقيل : أقام المنصور بن المعتمر ولم يتكلم بكلمة بعد العشاء الآخرة أربعين سنة ،

 وقيل : ما تكلم الربيع بن خيثم بكلام الدنيا عشرين سنة وكان إذا أصبح وضع دواة وقرطاسأ وقلمأ ،

فكل ما تكلم به كتبه ثم يحاسب نفسه عند المساء .

فإن قلت : فهذا الفضل الكبير للصمت ما سببه ؟

 فاعلم أن سببه كثرة آفات اللسان من الخطأ والكذب والغيبه والنميمه والرياء والنفاق والفحش والمراء،

وتزكية النفس والخوض في الباطل ،

 والخصومه والفضول والتحريف والزياده والنقصان وإيذاء الخلق وهتك العورات .

فهذه آفات كثيره وهي إلى اللسان لا تثقل عليه ولها حلاوة في القلب ،

 وعليها بواعث من الطبع ومن الشيطان ،

والخائض فيها قلما يقدر أن يمسك اللسان فيطلقه بما يحب ويكفه عما لا يحب ؛

 فإن ذلك من غوامض العلم - كما سيأتي تفصيله - ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة فلذلك عظمت فضيلته ،

 هذا مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار والفراغ للفكر والذكر والعبادة والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخره ، فقد قال الله تعالى

 (( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )) .

وبذلك على فضل لزوم الصمت أمر ، وهو أن الكلام أربعة أقسام :

 قسم هو ضرر محض ، وقسم هو نفع محض ،

 وقسم فيه ضرر ومنفعه ، وقسم ليس فيه ضرر ولا منفعة .

أما الذي هوه ضرر محض فلا بد من السكوت عنه ،

 وكذلك ما فيه ضرر ومنفعه لا تفي بالضرر .

وأما ما لا منفعه فيه ولا ضرر فهو فضول ،

 والأشتغال به تضييع زمان وهو عين الخسران فلا يبقى إلا القسم الرابع ،

فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي ربع ، وهذا الربع فيه خطر ؛

 إذ يمتزج بما فيه إثم من دقائق الرياء والتصنع والغيبه ،

وتزكية النفس وفضول الكلام إمتزاجأ يخفى دركه ،

فيكون الإنسان به مخاطرأ . ومن عرف دقائق آفات اللسان - على ما سنذكره -

علم قطعأ أن ما ذكره صلى الله عليه وسلم هو فصل الخطاب حيث قال :

 (( من صمت نجا ))

فلقد أوتي والله جواهر الحكم قطعأ وجوامع الكلم ولا يعرف ما تحت آحاد كلماته

من بحار المعاني إلا خواص العلماء ،

وفيما سنذكره من الآفات وعسر الاحتراز عنها ما يعرفك حقيقة ذلك إن شاء الله تعالى.

ونحن الآن نعد آفات اللسان ونبتدي بأخفها ونترقي ألى الأغلظ قليلأ ،

 ونؤخر الكلام في الغيبه والنميمه والكذب فإن النظر فيها أطول وهي عشرون آفة

فاعلم ذلك ترشد بعون الله تعالى ، ਍ 

   

مجموعة بيت عطاء الخير البريدية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق