حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ
قَال سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أمنا أم المؤمنين السيدة / عَائِشَةَ /
رضى الله تعالى عنها و عن أبيها انها قَالَتْ :
( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ
إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ إِلَيَّ حَاجَةٌ كَلَّمَنِي
وَ إِلَّا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ (
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَ قَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ غَيْرِهِمْ
الْكَلَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْفَجْرِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ
أَوْ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَ إِسْحَقَ .
الشـــــــــــــــروح
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ (
بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ بِسُكُونِ الْوَاوِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ
ثِقَةٌ فَقِيهٌ عَابِدٌ مِنَ الثَّامِنَةِ ( عَنْ أَبِي النَّضْرِ ) اسْمُهُ سَالِمُ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَدَنِيُّ
ثِقَةٌ ثَبْتٌ ( عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ .
قَوْلُهُ : ( فَمَنْ كَانَتْ لَهُ إِلَيَّ حَاجَةٌ كَلَّمَنِي وَ إِلَّا خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ )
وَ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي
وَ إِلَّا اضْطَجَعَ وَ اللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ .
قَوْلُهُ : ( وَ قَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ غَيْرُهُمُ الْكَلَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَخْ (.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ : وَ فِي تَحْدِيثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ لِعَائِشَةَ
بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْكَلَامِ بَعْدَهُمَا ، وَ إِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ ،
وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ ، رَوَى ذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ .
وَ مِمَّنْ كَرِهَهُ مِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ،
وَ حُكِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
وَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلَامَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ ،
وَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ : إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَلْيَسْكُتُوا
وَ إِنْ كَانُوا رُكْبَانًا وَ إِنْ لَمْ يَرْكَعُوهُمَا فَلْيَسْكُتُوا ، انْتَهَى
( وَ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَ إِسْحَاقَ ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ :
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْكَلَامِ بَعْدَ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَ هُوَ مَذْهَبُنَا وَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَ الْجُمْهُورِ ،
وَ قَالَ الْقَاضِي : وَ كَرِهَهُ الْكُوفِيُّونَ ،
وَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِغْفَارِ ،
وَ الصَّوَابُ الْإِبَاحَةُ لِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ،
وَ كَوْنُهُ وَقْتَ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِغْفَارِ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْكَلَامِ ، انْتَهَى .
وَ قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي إِرْشَادِ السَّارِي : وَ فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ الْمُبَاحِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ ،
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : لَيْسَ فِي السُّكُوتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَضْلٌ مَأْثُورٌ
إِنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : أَمَّا أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْكَرَاهَةِ ، فَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ
عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : خَرَجَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى قَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَنَهَاهُمْ عَنِ الْحَدِيثِ ،
وَ قَالَ : إِنَّمَا أَجَبْتُمْ لِلصَّلَاةِ فَإِمَّا أَنْ تُصَلُّوا وَ إِمَّا أَنْ تَسْكُتُوا ،
وَ كَذَا رَوَاهُ فِيهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَ لَيْسَ هَذَا الْأَثَرُ بِمُتَّصِلٍ ،
عَطَاءٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَ كَذَا أَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ
وَ إِنْ صَحَّ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ الْمُتَحَدِّثِينَ لَعَلَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا لَا يُجْدِي
نَفْعًا فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ . وَ السُّكُوتُ عَنْ مِثْلِ هَذَا لَيْسَ بِمُخْتَصٍّ فِي هَذَا بِوَقْتٍ ،
وَ إِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى هَذَا فَالتَّحْدِيثُ بِالْكَلَامِ الْمُبَاحِ ثَابِتٌ مِنَ الشَّارِعِ ،
وَ كَلَامُ الصَّحَابَةِ لَا يُوَازِنُ كَلَامَ الشَّارِعِ .
وَ أَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ : إِنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ
فَأَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ مَرْفُوعًا :
مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ،
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَ عُمْرَةٍ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :
تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ ،
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَ غَيْرُهُ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق